أمر الطعام، فبعثاه إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم لينظر عنده شيئاً من الطعام، فقال أسامة: لم يبق عند النبيّ صلّى الله عليه وسلم شيء من الطعام، فرجع إليهما، فقالا: إنه لو ذهب إلى بئر كذا، ليبس ماؤها، فنزلت هذه الآية. ويقال: نزلت في شأن زيد بن ثابت، وذلك أن نفراً ذكروا فيه شيئاً، فنزل:
وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً قرأ نافع: مَيِّتاً بتشديد الياء، والخفض. والباقون بالجزم. وقال أهل اللغة: الميت. والميت واحد مثل ضيق وضيّق، وهين وهيّن، ولين وليّن.
ثم قال: وَاتَّقُوا اللَّهَ في الغيبة، وتوبوا إليه إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ يعني: قابل التوبة رَحِيمٌ بهم بعد التوبة.
قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ قال مقاتل: وذلك أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم لما فتح مكة، أمر بلالاً ليؤذن. فقال الحارث بن هشام. أما وجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم غير هذا الغراب. يعني: بلال. فنزل يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى يعني: آدم وحواء وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ يعني: رؤوس القبائل، مثل مضر، وربيعة وَقَبائِلَ يعني: الأفخاذ مثل بني سعد، وبني عامر. لِتَعارَفُوا في النسب إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ يعني: وإن كان عبداً حبشياً أسود مثل بلال. وقال في رواية الكلبي: نزلت في ثابت بن قيس، كان في أذنيه ثقل، وكان يدنو من رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليسمع كلامه فأبطأ يوماً واحداً وقد أخذ الناس مجالسهم فجاء فتخطى رقابهم حتى جلس قريباً من النبيّ صلّى الله عليه وسلم. فقال رجل من القوم: هذا يتخطى رقابنا، فلم لا يجلس حيث وجد المكان؟ فقال ثابت: من هذا؟ فقالوا: فلان. فقال ثابت: يا ابن فلانة، وكان يعيّر بأمه، فخجل. فنزلت هذه الآية. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم:«مَنْ عَيَّرَ فُلاناً بِأُمِّهِ» ؟ فقال ثابت بن قيس: أنا قد ذكرت شيئاً. فقرأ هذه الآية عليه، فاستغفر ثابت. وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: القبائل، والأفخاذ: الصغار، والشعوب: الجمهور مثل مضر. وقال الضحاك: الشعوب: الأفخاذ الصغار، والقبائل مثل بني تميم، وبني أسد. وقال القتبي:
الشعوب أكثر من القبيلة. وقال الزجاج: الشعب أعظم من القبيلة، ومعناه: إني لم أخلقكم شعوباً وقبائل لتتفاخروا، وإنما خلقناكم كذلك لتعارفوا. روي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال:«إذا كان يَوْمُ الْقِيَامَةِ، يقولُ الله عَزَّ وَجَلَّ: إنَّكُمْ جَعَلْتُمْ لأنْفُسِكُمْ نَسَباً، وَجَعَلْتُ لِنَفْسِي نَسَباً، فَرفَعْتُم نَسَبَكُم، وَوَضَعْتُمْ نَسَبي، فَالْيَوْمَ أَرْفَعُ نَسَبِي، وَأَضَعُ نَسَبَكُم. يعني: قلت: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ وقلتم: أنتم فلان وفلان» .
ثم قال: إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بأتقيائكم خَبِيرٌ بافتخاركم قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قال ابن عباس: نزلت في بني أسد، قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم في قحط أصابهم، فجاؤوا بأهاليهم، وذراريهم، يطلبون الصدقة، وأظهروا الإسلام، وقالوا: يا رسول الله نحن أسلمنا طوعاً، وقدمنا بأهالينا، فأعطنا من الغنيمة أكثر مما تعطي غيرنا. ويقال: كانت قبيلتان جهينة، ومزينة،