للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: نَحْنُ خَلَقْناكُمْ يعني: خلقناكم، ولم تكونوا شيئاً، وأنتم تعلمون فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ يعني: أفلا تصدقون بالبعث وبالرسل.

ثم أخبر عن صنعه ليعتبروا فقال: أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ يعني: ما خرج منكم من النطفة، ويقع في الأرحام أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ يعني: منه بشراً في بطون النساء ذكراً أو أنثى أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ يعني: بل نحن نخلقه نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ يعني: نحن قسمنا بينكم الآجال، فمنكم من يموت صغيراً، ومنكم من يموت شاباً، ومنكم من يموت شيخاً. قرأ ابن كثير:

نَحْنُ قَدَّرْنا بالتخفيف وقرأ الباقون: قَدَّرْنا بالتشديد، ومعناهما واحد لأن التشديد للتكثير.

ثم قال: وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ

يعني: وما نحن بعاجزين إن أردنا أن نأتي بخلق مثلكم، وأمثل منكم، وأطوع لله تعالى: وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ

يعني:

ونخلقكم سوى خلقكم من الصور فيما لا تعلمون من الصور، مثل القردة، والخنازير. ويقال:

وما نحن بعاجزين على أن نرد أرواحكم إلى أجسامكم بعد الموت.

ثم قال عز وجل: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى يعني: علمتم ابتداء خلقكم إذا خلقناكم في بطون أمهاتكم، ثم أنكرتم البعث فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ يعني: فهل لا تتعظون، وتعتبرون بالخلق الأول، أنه قادر على أن يبعثكم كما خلقكم أول مرة، ولم تكونوا شيئاً.

ثم قال: أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تَحْرُثُونَ يعني: فهل لا تعتبرون بالزرع الذي تزرعونه في الأرض أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ يعني: تنبتونه أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ يعني: أم نحن المنبتون. يعني: بل الله تعالى أنبته لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً يعني: يابساً، هالكاً، بعد ما بلغ فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ يعني: فصرتم تندمون. ويقال: يعني: تتعجبون من يبسه بعد خضرته إِنَّا لَمُغْرَمُونَ يعني:

معذبون بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ يعني: حرمنا منفعة زرعنا. قرأ عاصم في رواية أبي بكر: إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بهمزتين على الاستفهام وقرأ الباقون: بهمزة واحدة على معنى الخبر.

ثم قال: أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ يعني: من السماء أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ يعني: بل نحن المنزلون عليكم لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً يعني: مرّاً، مالحاً، لا تقدرون على شربه فَلَوْلا تَشْكُرُونَ يعني: هلا تشكرون رب هذه النعمة، وتوحدونه حين سقاكم ماء عذباً.

ثم قال عز وجل: أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ يعني: تقدحون، والعرب تقدح بالزند والزند خشبة يحك بعضه على بعض، فيخرج منه النار أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها يعني: خلقتم شجرها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ يعني: الخالقون. يعني: الله أنشأها، وخلقها لمنفعة الخلق،

<<  <  ج: ص:  >  >>