مقدار نصف صاع من حنطة ويفطر ذلك اليوم. فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً، أي تصدق على مسكينين مكان كل يوم أفطره، فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ من أن يطعم مسكيناً واحداً. والصيام خير له من الإفطار وهو قوله: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ من أن تفطروا وتطعموا. قال الكلبي:
كان هذا في أول الإسلام ثم نسخت هذه الآية بالآية التي بعدها، وهكذا قال القتبي، وهكذا روي، عن سلمة بن الأكوع أنه قال: لما نزلت هذه الآية: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ، كان من أراد أن يفطر ويفدي فعل، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها وهو قوله:
فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ. وقال الشعبي: لما نزلت هذه الآية: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ، كان الأغنياء يطعمون ويفطرون ويفتدون ولا يصومون، فصار الصوم على الفقراء، فنسختها هذه الآية فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ، فوجب الصوم على الغني والفقير، وقال بعضهم: ليست بمنسوخة، وإنما نزلت في الشيخ الكبير. وروي عن عائشة أنها كانت تقرأ:«وَعَلَى الَّذِينَ يَطُوقُونَهُ» ، يعني يكلفونه فلا يطيقونه. وروي عن عطاء، عن ابن عباس أنه قال: ليست بمنسوخة وإنما هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة اللذين لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان كل يوم مسكيناً. قرأ نافع وابن عامر «فِدْيَةُ طَعَامِ مِسْكِينٍ» بضم الهاء وكسر الميم بالألف على الإضافة. وقرأ الباقون بتنوين الهاء فِدْيَةٌ طَعامُ بضم الميم مّسْكِينٌ بغير ألف.
قوله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ، قرأ عاصم في رواية حفص: شَهْرُ بفتح الراء والباقون: بالضم. وإنما صار رفعاً لمعنيين: أحدهما أنه مفعول ما لم يسم فاعله، يقول: كتب عليكم شهر رمضان ومعنى آخر: أنه خبر مبتدأ يعني هذا شهر رمضان. ومن قرأ بالنصب احتمل أنه صار نصباً لوقوع الفعل عليه، أي صوموا شهر رمضان ويقال: صار نصباً لنزع الخافض، أي: في شهر رمضان. ويحتمل: عليكم شهر رمضان. كقوله: صِبْغَةَ اللَّهِ [البقرة: ١٣٨] يعني الزموا.
قوله: الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ، قرأ ابن كثير الْقُرْآنُ بالتخفيف وقرأ الباقون: بالهمز.
وقال ابن عباس في معنى قوله: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ، يعني أنزل فيه القرآن من اللوح المحفوظ جملة واحدة إلى الكتبة في السماء الدنيا، ثم أنزل به جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم نجوماً نجوماً، أي الآية والآيتين في أوقات مختلفة أنزل عليه في إحدى وعشرين سنة. وقال مقاتل: أنزل فيه القرآن من اللوح المحفوظ كل عام في ليلة القدر إلى سماء الدنيا، نزل إلى السفرة من اللوح المحفوظ في عشرين سنة.
حدثنا محمد بن الفضل قال: حدثنا فارس بن مردويه قال: حدثنا محمد بن الفضيل العابد قال: حدثنا الفضل بن دكين، عن سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة قال: