قال وروي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «حُسْنَ المُصَاحَبَةِ أنْ يُطْعِمَهُمَا إذا جَاعَا، وَأَنْ يَكْسُوَهُمَا إذا عَرِيَا» .
ثم قال: وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ يعني: اتبع دين من أقبل إلي بالطاعة.
ثم استأنف فقال: ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ في الآخرة. وقال بعضهم: إنما أتمّ الكلام عند قوله: وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ يعني: دين من أقبل على الطاعة.
ثم استأنف الكلام فقال: ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ تكراراً على وجه التأكيد فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يعني: فأجازيكم بها.
ثم رجع إلى حديث لقمان فقال: يا بُنَيَّ إِنَّها يعني: الخطيئة إِنْ تَكُ قال مقاتل:
وذلك أن ابن لقمان قال لأبيه: يا أبتاه إن عملت بالخطيئة حيث لا يراني أحد، فكيف يعلمها الله سبحانه وتعالى. فرد عليه لقمان وقال: يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ يعني: الخطيئة إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ يعني: وزن خردلة فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أي: الصخرة التي هي أسفل الأرضين. وقال بعضهم: أراد بها كل صخرة، لأنه قال بلفظ النكرة. يعني: ما في جوف الصخرة الصماء. وقال مقاتل: هي الصخرة التي في أسفل الأرض، وهي خضراء مجوفة.
ثم قال: أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ يعني: يجازي بها الله. أي:
يعطيه ثوابها. ويقال: يَأْتِ بِهَا اللَّهُ عند الميزان، فيجازيه بها. ويقال: هذا مثل لأعمال العباد يَأْتِ بِهَا اللَّهُ يعني: يعطيه ثوابها عز وجل كقوله: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) [الزلزلة: ٧] يعني: يرى ثوابه. قرأ نافع مثقال بضم الام. وقرأ الباقون: بالنصب.
فمن قرأه بالضم جعله اسم يكن. ومن قرأ بالنصب جعله خبراً. والاسم فيه مضمر ومعناه: إن تكن صغيرة قدر مثقال حبة. وإنما قال: إن تكن بلفظ التأنيث لأن المثقال أضيف إلى الحبة.
فكان المعنى للحبة. وقيل: أراد به الخطيئة. ومن قرأ: بالضم جعله اسم تكن.
ثم قال: إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ يعني: لطيف باستخراج تلك الحبة، خبير بمكانها. وقال أهل اللغة: اللطيف في اللغة يعبر به عن أشياء. يقال للشيء الرقيق وللشيء الحسن: لطيف.
وللشيء الصغير لطيف. ويقال للمشفق: لطيف.
ثم قال عز وجل: يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ يعني: أتمّ الصلاة وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ يعني:
التوحيد. ويقال: أظهر العدل وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وهو كل ما لا يعرف في شريعة، ولا سنة، ولا معروف في العقل وَاصْبِرْ عَلى مَا أَصابَكَ يعني: إذا أمرت بالمعروف أو نهيت عن المنكر، فأصابك من ذلك ذلّ أو هوان أو شدة، فاصبر على ذلك ف إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ