للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشر ألف رجل. ثم جاء حيي بن أخطب إلى بني قريظة. فجاء إلى باب كعب بن الأشرف.

وهو رئيس بني قريظة. فاستأذن عليه. فقال لجاريته: انظري من هذا؟ فعرفته الجارية فقالت:

هذا حيي بن أخطب. فقال: لا تأذني له عليّ. فإنه مسؤوم إنه قد سأم قومه. يريد أن يسأمنا زيادة. فقالت له الجارية: ليس هاهنا فقال حيي بن أخطب بلى هو ثم ولكن عنده قدر جيش لا يحب أن يشركه فيها أحد. فقال كعب: أحفظني أخزاه الله. يعني: أغضبني ائذني له في الدخول. فدخل عليه. فقال له: يجيئُك مليكك، قد جئتك بعارض برد جئتك بقريش بأجمعها، وكنانة بأجمعها، وغطفان بأجمعها. لا يذهب هذا الفوز حتى يقتل محمد. فانقض الحلف بينك وبين محمد. فقال له كعب بن الأشرف: إن العارض ليسبب بنفحاته شيئاً. ثم يرجع وأنا في بحر لجي، لا أقدر على أن أريم داري ومالي. والله ما رأينا جاراً قط خيراً من محمد ما خفر لنا بذمة، ولا هتك لنا ستراً ولا آذانا، وإنما أخشى أن لا يقتل محمد، وترجع أنت وأقتل أنا. فقال لكم ما في التوراة إن لم يقتل محمداً في هذا الغور، لأدخلنّ معكم حصنكم، فيصيبني ما أصابكم. فنقض الحلف، وشقّ الصحيفة، فقدم بنعيم بن مسعود المدينة، وكان تاجراً يقدم من مكة. فقال: يا محمد شعرت أن بني قريظة نقضوا الحلف الذي كان بينك وبينهم. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «لَعَلَّنَا نَحْنُ أَمَرْنَاهُمْ بذلك» . فقال عمر: إن كنت أمرتهم بذلك، وإن كنت تأمرهم بذلك، فقتالهم علينا هيّن. فقال: «مَا أَنا بِكَذَّابٍ، ولكن الحَرْبَ خُدْعَةٌ» . ونعيم لم يسلم ذلك اليوم. فبعث النبيّ صلّى الله عليه وسلم سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وسعد بن عبادة إلى كعب بن الأشرف، يناشدوه الله الحلف الذي كان بينهم. وأن يرجعوا إلى ما كانوا عليه من قبل. فأبى كعب بن الأشرف، وجرى بينهم كلام. وسبّ سعد بن معاذ.

فقال أسيد بن حضير: أتسب سيدك معاذاً يا عدو الله؟ ما هو لك بكفؤ. فقال سعد بن معاذ:

اللهم لا تميتني حتى أشفي نفسي منهم. فرجعوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فحدثوه الحديث.

فانطلق نعيم بن مسعود إلى أبي سفيان. فقال: يا أبا سفيان والله ما كذب محمد قط كذبة. أخبرني بأنه أمر بنقض الحلف بينه وبين بني قريظة. فقال سلمان الفارسي: إنا كنا يا رسول الله بأرض فارس إذا تخوفنا الجنود، خندقنا على أنفسنا. فهل لك أن تخندق خندقاً؟

فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم مع أهل المدينة، وخندق وأخذ المعول بيده، فضرب لكي يقتدي الناس. فضرب ضربةً فأبرق برقة، حتى ظهر ضوء بضربته.

ثم ضرب ضربة أخرى فأبرق برقة، ثم ضرب الثالثة فقال سلمان: لقد رأيت أمراً عجيباً.

لقد رَأَيْتَ ذلك. قال: نعم. فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «لَقَدْ رَأَيْتُ بِالأُولَى قُصُورَ الشَّامِ، وَبِالثَّانِيَةِ قُصُورَ كِسْرَى وَبِالثَّالِثَةِ قُصُورَ اليَمَنِ. فهذه فُتُوحٌ يَفْتَحُ الله عَلَيْكُمْ» . فقال ناس من المنافقين: يعدنا أن تفتح الشام، وأرض فارس، واليمن. وما يستطيع أحد منا أن يذهب إلى الخلاء. ما يعدنا إلا غروراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>