ثم قال عز وجل: وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ يعني: أضلّ إبليس قبلهم أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ يعني:
من الأمم الخالية. ولم يذكر إبليس لأن في الكلام دليلاً عليه، فاكتفى بالإشارة. ومثل هذا كثير في القرآن.
ثم قال عز وجل: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ يعني: رسلاً ينذرونهم كما أرسلناك إلى قومك، فكذبوهم بالعذاب كما كذبك قومك، فعذبهم الله تعالى في الدنيا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ يعني: آخر أمر من أنذر فلم يؤمن إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ يعني:
الموحدين، المطيعين، فإنهم لم يعذبوا.
قوله عز وجل: وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ يعني: دعا نوح ربه على قومه، وهو قوله: أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ [القمر: ١٠] فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ يعني: نعم المجيب أنا وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ يعني: من الهول الشديد، وهو الغرق.
قوله: وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ لأن الذي حمل معه من الناس ثمانون رجلاً وامرأة غرقوا كلهم، ولم يبق إلا ولده سام وحام ويافث قال الفقيه أبو الليث- رحمه الله-: حدثنا أبو جعفر. قال: حدّثنا أبو القاسم الصفار بإسناده عن سمرة بن جندب. قال: إن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «سَام أبُو العَرَبِ، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم» .
ثم قال تعالى: وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ يعني: أبقينا عليه ذكراً حسناً في الباقين من الأمم، وهذا قول القتبي: وقال مقاتل: يعني: أثنينا على نوح بعد موته ثناء حسناً.
ثم قال عز وجل: سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ يعني: السعادة والبركة على نوح من بين العالمين إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ يعني: هكذا نجزي كل من أحسن إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ يعني: المصدقين بالتوحيد ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ يعني: قومه الكافرين.
قوله عز وجل: وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ قال مقاتل: يعني: إبراهيم من شيعة نوح-