واحدة إِلَّا إِبْلِيسَ أبى عن السجود اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ يعني: وصار من الكافرين قالَ يَا إِبْلِيسُ ما منعك يعني: يا خبيث مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ يعني: الذي خلقته بيدي قال بعضهم نؤمن بهذه الآية ونقرؤها، ولا نعرف تفسيرها. يعني:
قوله: بِيَدَيَّ يعني: الذي خلقت بيدي. وقال بعضهم: تفسيرها كما قال الله تعالى:
خَلَقْتُ بِيَدَيَّ. ولا نفسر اليد. ونقول: يد لا كالأيدي. وهذا قول أهل السنة والجماعة.
وقال بعضهم: نفسرها بما يليق من صفات الله تعالى. يعني: خلقه بقدرته، وقوته، وإرادته.
فإن قيل: قد خلق الله عز وجل سائر الأشياء بقوته، وقدرته، وإرادته. فما الفائدة في التخصيص هنا؟ قيل له: قد ذكر اليد في خلق سائر الأشياء أيضاً، وهو قوله: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً [يس: ٧١] ويقال: لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أي: بقوتي. قوة العلم، وقوة القدرة. ويقال: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أي: بماء السماء، وتراب الأرض، كقوله:
آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ [آل عمران: ٥٩] وكما قال- عليه السلام-: «خَلَقَ الله تَعَالَى الخَلْقَ مِنْ مَاءٍ» وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل حرف منها ظهر وبطن. وكذلك الأخبار قد جاء فيها أيضاً ما له ظهر وبطن. وروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال:«لاَ تَقُولُوا فَلاَنٌ قَبِيح فَإِن الله عز وجل خلق آدم على صورته» . ومن قال: إن لله تعالى صورة كصورة آدم فهو كافر، ولكن المعنى في الخبر، كما روي عن بعض المتقدمين أنه قال: إن الله تبارك وتعالى اختار من الصور صورة، وخلق آدم- عليه السلام- بتلك الصورة، فمن ذلك قال:«إنَّ الله تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُوَرتِهِ» ، أي: على تلك الصورة التي اختارها الله. روى شبل عن ابن كثير أنه قرأ: بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ موصولة الألف، وقراءة العامة بقطع الألف على الاستفهام، بدليل قوله عز وجل: أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ ومن قرأ موصولة، فهو على معنى الوجوب. وتكون أَمْ بمعنى بل، أَسْتَكْبَرْتَ يعني: تعظمت عن السجود أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ يعني: بل كنت من العالين، من المخالفين لأمري.