للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال عز وجل: وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ يعني: يساق أعداء الله، وهم الكفار والمنافقون، إِلَى النَّارِ. قرأ نافع: وَيَوْمَ نَحْشُرُ بالنون، أعداء: بالنصب، على معنى الإضافة إلى نفسه. وقرأ الباقون: بالياء والضم. يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ على معنى فعل ما لم يسم فاعله، ويوم صار نصباً لإضمار فيه. يعني: واذكر يَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ الله إلَى النَّارِ، فَهُمْ يُوزَعُونَ يعني: يحبس أولهم: ليلحق بهم آخرهم. وأصله من وزعته أي: كففته.

حَتَّى إِذا مَا جاؤُها يعني: إذا جاءوها، ما صلة في الكلام. يعني: جاءوا النار، وعاينوها. قيل لهم: أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ [الأنعام: ٢٢] فقالوا عند ذلك وَالله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ فيختم على أفواههم، وتستنطق جوارحهم، فتنطق بما كتمت الألسن، فذلك قوله:

شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ يعني: آذانهم بما سمعت، وَأَبْصارُهُمْ يعني: أعينهم بما نظرت، ورأت، وَجُلُودُهُمْ يعني: فروجهم، بِما كانُوا يَعْمَلُونَ يعني: بجميع أعمالهم.

قوله تعالى: وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ يعني: لجوارحهم. وقال القتبي: الجلود كناية عن الفروج، لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ يعني: أنطق الدواب، وغيرهم، وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ يعني: أنطقكم في الدنيا، وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ في الآخرة.

يقول الله تعالى: وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ يعني: ما كنتم تمتنعون. ويقال: ما كنتم تحسبون، وتستيقنون، أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ من الخير، والشر، وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ يعني: ذلك الظن الذي أهلككم. ويقال: أَرْداكُمْ يعني: أغواكم. ويقال: أهلككم سوء

<<  <  ج: ص:  >  >>