وقد ذكرناه فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا يعني: باليد والعصا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ يعني: يعجبون ويسخرون. وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها يعني: أعظم من التي كانت قبلها، وهي السنين والنقص، من الثمرات والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم فلم يؤمنوا بشيء. وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ يعني: عاقبناهم بهذه العقوبات لكي يرجعوا، ويعرفوا ضعف معبودهم وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ وكان الساحر فيهم، عظيم الشأن يعني: قالوا لموسى: يا أيها العالم ادْعُ لَنا رَبَّكَ أي: سل لنا ربك بِما عَهِدَ عِنْدَكَ يعني: بحق ما أمرك به ربك، أن تدعو إليه إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ يعني: نؤمن بك، ونوحد الله تعالى.
ويقال: من حولي، وحول قصوري وجناني أَفَلا تُبْصِرُونَ فضلي على موسى أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ يعني: خير، وأم للصلة من هذا الذى هو مهين، يعني: ضعيف ذليل.
وَلا يَكادُ يُبِينُ يعني: لا يكاد يعبر حجة. ويقال: معناه: ألا تنظرون إلى فصاحتي، وإلى عيِّ كلام موسى فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ يعني: هلا أعطي أسورة من ذهب.
يعني: لو كان حقاً وكان رسولاً كما يقول، لأعطي له المال، فيكون حاله خيراً من هذا، وكان آل فرعون يلبسون الأساور. قرأ عاصم في رواية حفص (أسْوَرَةٌ) بغير ألف والباقون (أسَاوِرَةٌ) فمن قرأ أسورة فهو جمع السوار، ومن قرأ أساورة، فهو جمع الجمع. ويقال: أساور جمع سوار.
ثم قال: أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ يعني: لو كان حقاً، لأتته الملائكة متتابعين، فيصدقون على مقالته ويقال مُقْتَرِنِينَ أي: متعاونين فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ يعني:
فاستذل قومه فأطاعوه. يعني: حملهم على الخفة، فانقادوا له إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ يعني: كافرين عاصين، وذلك أن فرعون قال لهم: مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أرَى، فأطاعوه على تكذيب موسى- عليه السلام- إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ يعني: ناقضي العهد.
قوله تعالى: فَلَمَّا آسَفُونا يعني: أغضبونا قال أهل اللغة: الأسف: الغضب. وروى معمر عن سماك بن الفضل. قال: كنا عند عروة بن محمد، وعنده وهب بن منبه، فجاء قوم فشكوا عاملهم، وأثبتوا على ذلك، فتناول وهب عصا كانت في يد عروة، فضرب بها رأس العامل حتى أدماه، فاستعابها عروة، وكان حليماً وقال: يعيب علينا أبو عبد الله الغضب وهو