للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ يعني: باطل، وفرح. وَإِنْ تُؤْمِنُوا أي: تستقيموا على التوحيد وَتَتَّقُوا النفاق يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ يعني: يعطكم ثواب أعمالكم وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ يعني: لا يسألكم جميع أموالكم، ولكن ما فضل منها إِنْ يَسْئَلْكُمُوها يعني:

جميع الأموال فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا يعني: إن يلح عليكم بما يوجبه في أموالكم. ويقال:

فَيُحْفِكُمْ يعني: يجهدكم كثرة المسألة تَبْخَلُوا بالدفع وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ يعني: يظهر بغضكم، وعدواتكم لله تعالى، ولرسوله صلّى الله عليه وسلم وللمؤمنين. ويقال: ويخرج ما في قلوبكم من حب المال. يقول: هذا للمسلمين. ويقال: هذا للمنافقين. يعني: يظهر نفاقكم. وقال قتادة:

علم الله أن في مسألة الأموال خروج الأضغان.

قوله عز وجل: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ قرأ نافع، وأبو عمرو ها أَنْتُمْ بمدة طويلة، بغير همز. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي. بالمد، والهمز، فَهَا تنبيه، وأنتم كلمة على حدة، وإنما مد ليفصل ألف هاء من ألف أنتم. وقرأ ابن كثير: بالهمز بغير مد ومعناه: أَأَنتم. ثم قلبت إحدى الهمزتين هاء. ومعنى هذه القراءات كلها أنتم يا معشر المؤمنين تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ يعني: لتتصدقوا في سبيل الله، وتعينوا الضعفاء. فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ بالنفقة في سبيل الله وَمَنْ يَبْخَلْ بالنفقة فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ يعني: لا يكون له ثواب النفقة وَاللَّهُ الْغَنِيُّ عما عندكم من الأموال، وعن أعمالكم. وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ إلى ما عند الله من الثواب، والرحمة، والمغفرة. وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يعني: تعرضوا عما أمركم الله به من الصدقة، وغير ذلك مما افترض الله عليكم من حق. يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ يعني: يهلككم، ويأت بخير منكم، وأطوع لله تعالى منكم ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ يعني: أشباهكم في معصية الله تعالى. قال بعضهم: لم يتولوا، ولم يستبدل بهم. وقال بعضهم: استبدل بهم أناس من كندا وغيرها. وروى أبو هريرة قال: لما نزلت هذه الآية، قالوا: يا رسول الله صلّى الله عليه وسلم من هؤلاء الذين، إِنْ تولينا استبدلوا بِنَا؟ قال: وَعنده سلمان. فوضع النبي صلّى الله عليه وسلم يده عليه، ثم قال: «هذا وَقَوْمُهُ» ، ثم قال: «لَوْ كَانَ الإِيمَانُ مُعَلَّقاً بِالثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنْ أَبْنَاءِ فَاِرس» وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>