قال الله تعالى: وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يعني: مفاتيح السموات وهي المطر والرزق، ومفاتيح الأرض وهي النبات. وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لاَّ يَفْقَهُونَ أمر الله تعالى.
من المدينة الذليل يعني: محمداً صلّى الله عليه وسلم وأصحابه. قال الله تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ يعني:
المقدرة والمنعة لله ولرسوله. وَلِلْمُؤْمِنِينَ، حيث قواهم الله تعالى ونصرهم وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ يعني: لا يصدقون في السر. ويقال: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ يعني: القدرة، ويقال: نفاذ الأمر وَلِرَسُولِهِ، وهو عزة النبوة والرسالة وَلِلْمُؤْمِنِينَ، وهو عز الإيمان والإسلام، أعزهم الله فِى الدنيا والآخرة. ولكن المنافقين لاَ يَعْلَمُونَ.
ثم قال عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ يعني: لا تشغلكم أموالكم وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ يعني: عن طاعة الله تعالى. وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يعني: من لم يعمل بطاعته ولم يؤمن بوحدانيته، فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ يعني: المغبونين بذهاب الدنيا وحرمان الآخرة. ثم قال عز وجل: وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ يعني: تصدقوا مما رزقناكم، أي:
مما رزقكم الله من الأموال. مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ يعني: يقول: يا سيدي ردني إلى الدنيا، فَأَصَّدَّقَ يعني: فأتصدق، ويقال: أصدق بالله. وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ يعني: أفعل كما فعل المؤمنون.
وروى الضحاك، عن ابن عباس أنه قال: مَنْ كَانَ له مال يجب فيه الزكاة فلم يزكه، أو مال يبلغه بيت الله فلم يحج، سأل عند الموت الرجعة قال: فقال رجل: اتق الله يا ابن عباس، سألت الكفار الرجعة. قال: إني أقرأ عليك بهذا القرآن. ثم قرأ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى قَولِه: فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ فقال رجل: يا ابن عباس، وما يوجب الزكاة؟ قال:
مائتان فصاعداً. قال: فما يوجب الحج؟ قال: الزاد والراحلة. قرأ أبو عمرو، فَأَصَّدَّقَ وأكون بالواو وفتح النون، والباقون وَأَكُنْ بحذف الواو بالجزم. فمن قرأ وأكون، فإنه عطفه على موضع فَأَصَّدَّقَ، لأنه على معنى إن أخرتني أصدق وأكن، ولم يعطفه على اللفظ. قال أبو عبيدة: قرأت في مصحف عثمان هكذا بغير واو. ثم قال: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها يعني: إذ جاء وقتها. وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ من الخير والشر، فيجازيكم. قرأ عاصم في رواية أبي بكر يَعْلَمُونَ بالياء على معنى الخبر عنهم، والباقون بالتاء على معنى المخاطبة والله أعلم.