فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ يقول: فلا يضعون شيئاً في نصيب الله وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ يقول: يوضع في نصيبهم ساءَ مَا يَحْكُمُونَ يعني: لو كان معه شريك كما يقولون ما عدلوا في القسمة. ويقال: ساءَ مَا يَحْكُمُونَ حيث وصفوا لله شريكاً. قرأ الكسائي (بزعمهم) بضم الزاي وقرأ الباقون بالنصب وهما لغتان ومعناهما واحد.
ثم قال تعالى: وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ يعني: زين لهم شركاؤهم وهم الشياطين قتل أولادهم، لأنهم يقتلون أولادهم مخافة الفقر والحمية، ويدفنون بناتهم أحياء فزين لهم الشيطان ذلك، كما زيّن لهم تحريم الحرث والأنعام. ويقال:
كان واحد منهم ينذر أنه إذا ولد كذا وكذا ولد يذبح واحداً منهم كما فعل عبد المطلب. فزين لهم الشيطان قتل أولادهم. فذلك قوله وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ قرأ ابن عامر ومن تابعه من أهل الشام وَكَذلِكَ زَيَّنَ بضم الزاي قَتْلَ بضم اللام أَوْلادِهِمْ بفتح الدال شُرَكائِهِمْ بالخفض. وإنما قرئ زَيَّنَ بالضم على فعل ما لم يسم فاعله ومعناه: قتل شركائهم على معنى التقديم، وهم أولادهم لأن أولادهم شركاؤهم في أموالهم، فصار شركاؤهم نعتاً للأولاد، وصار الأولاد نصباً على وجه التفسير. وقرأ الباقون زَيَّنَ بالنصب لأنه فعل ماض شُرَكاؤُهُمْ بالضم لأنه جعل الشركاء على وجه الفاعل.
ثم قال: لِيُرْدُوهُمْ يعني: ليهلكوهم بذلك وَلِيَلْبِسُوا يعني: ليخلطوا وليشبهوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ يعني: دين إبراهيم وإسماعيل.
ثم قال: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما فَعَلُوهُ يعني: لو شاء الله لمنعهم من ذلك منع اضطرار وقهر وأهلكهم فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ يعني: دعهم وما يكذبون بأن الله أمرهم بذلك، ومعناه: أن الله مع قدرته عليهم قد تركهم إلى وقت قدرهم، فاتركهم أنت أيضاً إلى الوقت الذي تؤمر بقتالهم. ويقال: معناه دعهم فإنّ لهم موعداً بين يدي الله فيحاسبهم ويجازيهم بها.
قوله تعالى: وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ وهي البحيرة والسائبة والوصيلة والحرث وهو نوع من الزرع حرموها على النساء. حِجْرٌ يعني: حرام والحجر يكون عبارة عن العقل كقوله تعالى: هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ [الفجر: ٥] أي: لذي لب وعقل ويكون عبارة عن الحرام كقوله: حِجْراً مَحْجُوراً [الفرقان: ٢٢] يعني: حراما محرما وكقوله هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ [الأنعام: ١٣٨] يعني: حراماً لاَّ يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ من الرجال دون النساء، وهو مالك بن عوف كان يفتيهم بالحل والحرمة. وكان يقول: هذا يجوز وهذا لا يجوز لأشياء كانوا حرموها برأيهم.
ثم قال وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وهي الحام من الإبل كانوا يتركونها ولا يركبونها وَأَنْعامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا يعني: عند الذبيحة ويقال: عند الركوب وهي البحيرة