قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ يعني: قل لمالك بن عوف وأصحابه الذين يحرمون الأشياء على أنفسهم، وقالوا ما قالوا أبيّن لكم ما حرم الله عليكم وما أمركم به أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً يقال: معناه أتل ما حرم ربكم عليكم، فقد تم الكلام.
ثم قال: وأمركم أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً يقول: نهاكم عن عقوق الوالدين، وأمركم ببرهم، ويقال: معناه حرم عليكم ألا تشركوا به شيئاً. ويقال: معناه حرم عليكم الشرك. وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً يعني: أمركم بالإحسان إلى الوالدين وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ يعني: من خشية الفقر نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ زنى السر والعلانية وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ يعني: إلا بالقصاص أو بالرجم أو بترك الإسلام، فإنّ القتل بهذه الأشياء من الحقوق ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ يقول: أمركم به في القرآن لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ أمر الله بما حرمه في هذه الآيات. وروي عن عبد الله بن قيس عن ابن عباس قال: هذه الآيات المحكمات: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ إلى ثلاث آيات وقال الربيع بن خثيم لرجل: هل لك في صحيفة عليها خاتم محمد صلى الله عليه وسلم؟ ثم قرأ هذه الآيات قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ ويقال: هذه الآيات هن أم الكتاب، وهن إمام في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ولا يجوز أن يرد عليها النسخ.
ثم قال: وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ
يقول: لا تأكلوا مال اليتيم ولا تباشروه إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
يعني: إلا بالقيام عليه لإصلاح ماله حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ
يعني: احفظوا ماله حتى يبلغ رشده. قال مقاتل: يعني ثماني عشرة سنة. وقال الكلبي: الأشُدُّ ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين سنة. ويقال: حتى يبلغ مبلغ الرجل. ويقال: بلوغ الأشد ما بين ثماني عشرة إلى أربعين سنة.
ثم قال: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ
يعني: أتموا الكيل والميزان عند البيع والشراء بِالْقِسْطِ
يعني: بالعدل لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها
يعني: إلا جهدها في العدل يعني: إذا اجتهد الإنسان في الكيل والوزن، فلو وقعت فيه زيادة قليلة أو نقصان، فإنه لا يؤاخذ به إذا اجتهد جهده وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا
يعني: اصدقوا وقولوا الحق وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى
يعني وإن كان الحق على ذي قرابة، فقولوا الحق، ولا تمنعوا الحق وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا
يقول: أتموا العهود التي بينكم وبين الله. والعهد الذي بينكم وبين الناس. ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ
يقول: أمركم به في الكتاب لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
يعني: تتعظون فتمتنعون عما حرم الله عليكم. قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص تَذَكَّرُونَ
بتخفيف الذال. وقرأ الباقون بالتشديد. لأن أصله تتذكرون. فأدغم إحدى التاءين في الذال.
قوله تعالى: وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً قرأ حمزة والكسائي وإن هذا بكسر الألف على معنى الابتداء. وقرأ الباقون بالنصب على معنى البناء. وقرأ ابن عامر وَأَنَّ هذا بجزم