العرب والعجم، ثم لا يكون حجة عليهم إلا بعد تفسيره برأيه، فدلّ ذلك على أن طلب تفسيره وتأويله واجب.
ولكن لا يجوز لأحد أن يفسر القرآن من ذات نفسه برأيه، ما لم يتعلم ويعرف وجوه اللغة وأحوال التنزيل، لأنه روي في الخبر ما حدثنا به محمد بن الفضيل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا وكيع عن سفيان، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال:«من قال في القرآن بغير علم، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» . وروى أبو صالح، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال:«من فسّر القرآن برأيه فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» .
قال الفقيه: حدثنا محمد بن الفضيل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا أبو حفص، عن ابن مجاهد قال: قال رجل لأبي: أنت الذي تفسر القرآن برأيك؟ فبكى أبي ثم قال: إني إذا لجريء. لقد حملت التفسير عن بضعة عشر رجلا من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلم رضي الله عنهم.
وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه سئل عن قوله تعالى: وَفاكِهَةً وَأَبًّا [عبس: ٣١] فقال: لا أدري ما الأبّ. فقيل له: قل من ذات نفسك يا خليفة رسول الله. قال:
أيّ سماء تظلّني وأي أرض تقلّني، إذا قلت في القرآن بما لا أعلم. فإذا لم يعلم الرجل وجوه اللغة وأحوال التنزيل، فتعلم التفسير وتكلف حفظه فلا بأس بذلك، ويكون ذلك على سبيل الحكاية. والله أعلم.