للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ، يعني: ما حولكم وبقربكم من عدوكم، وهم بنو قريظة والنضير وفدك وخيبر، فأمر الله تعالى كل قوم بأن يقاتلوا الذين يلونهم من الكفار. قال أبو جعفر الطحاوي: منع الله تعالى نبيه عن قتال الكفار بقوله:

وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ثم أباح قتال من يليه بقوله: قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ، ثم أباح قتال جميع الكفار بقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة: ٥] . ثمّ قال: وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً يعني: شدّة عليهم وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ، ينصرهم على عدوهم.

قوله تعالى: وَإِذا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ يعني: القرآن على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فَمِنْهُمْ يعني: من المنافقين مَنْ يَقُولُ بعضهم لبعض: أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ السورة إِيماناً، يعني:

تصديقا استهزاء بها.

قال الله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا يعني: أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم، فَزادَتْهُمْ إِيماناً:

يعني: تصديقاً بهذه السورة مع تصديقهم بالله تعالى وثباتاً على الإيمان. وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ، يقول: يفرحون بما أنزل الله من القرآن.

قال الفقيه: حدثنا محمد بن الفضل، وأبو القاسم الشنابازي قالا: حدثنا فارس بن مردويه قال: حدثنا محمد بن الفضل العابد قال: حدثنا يحيى بن عيسى قال: حدّثنا أبو مطيع، عن حماد بن سلمة، عن أبي المهزم، عن أبي هريرة أنه قال: جاء وفد ثقيف إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا: يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الإيمان يزيد وينقص؟ قال: «لا، الإيمانُ مُكَمَّلٌ فِي القَلْبِ. زِيَادَتُهُ وَنُقْصَانُهُ كُفْرٌ» .

قال الفقيه: حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المستلم قال: حدثنا أبو عمران المؤدب الدستجردي قال: حدثنا صخر بن نوح قال: حدثنا مسلم بن سالم، عن أبي الحويرث، عن عون بن عبد الله قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول في خطبته: «لو كان الأمر على ما يقول الشكاك الضلال، إن الذنوب تنقص الإيمان، لأمسى أحدنا حين ينقلب إلى أهله وهو لا يدري ما ذهب من إيمانه أكثر أو ما بقي» .

قوله تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ، يعني: شكا ونفاقا، فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ، قال الكلبي: أي شكاً إلى شكهم، وقال مقاتل: إثماً على إثمهم، وقال القتبي:

أصل الرجس النتن، ثم قال: الكفر والنفاق رجس لأنهما نتنان. وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ، يعني:

ماتوا على الكفر، لأنهم كانوا كفاراً في السر، ولم يكونوا مؤمنين في الحقيقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>