للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَمَّا عَلِمَتْ أَنِّي مُتَوَجِّهٌ إِلَيْكَ (١). قَالَتْ لِي: بِاللهِ سَلِّمْ عَلَى الشَّيْخِ يَحْيَى عَنِّي، وَادْفَعْ إِلَيْهِ هَذِهِ الشَّمْلَةَ؛ فَقَدْ خَبَزْتُهَا عَلَى اسْمِهِ، فَتَبَسَّمَ الوَزِيْرُ إِلَيْهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: الهَدِيَّةُ لِمَنْ حَضَرَ، وَأَمَرَ بِحَلِّهَا، فَحُلَّتْ الشَّمْلَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَإِذَا فِيْهَا خُبْزُ شَعِيْرٍ مَشْطُوْرٍ بِكَامِخِ اكْشُوْثٍ (٢) فَأَخَذَ الوَزِيْرُ مِنْهُ رَغِيْفَيْنِ، وَقَالَ: هَذَا نَصِيْبِي، وَفَرَّقَ البَاقِيَ عَلَى مَنْ حَضَرَ مِنْ صُدُوْرِ الدَّوْلَةِ، وَالسَّادَةِ الجُلَّة (٣) وَسَأَلَهُ عنْ حَوَائِجِهِ جَمِيْعَهَا وَتَقَدَّمَ بِقَضَائِهَا عَلَى المَكَانِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الجَمَاعَةِ وَقَالَ: هَذَا شَيْخٌ قَدْ تَقَدَّمَتْ صُحْبَتِي لَهُ قَدِيْمًا، وَاخْتَبَرْتُهُ فِي زَرْعِ بَيْنِنَا فَوَجَدْتُهُ أَمِيْنًا، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَأَفُّفٌ بِمَقَالِ "الشَّيْخِ"، وَلَا تَكَبُّرٌ عَلَيْهِ، وَلَا أَعْرَضَ عنْهُ، بَلْ أَحْسَنَ لِقَاءَهُ، وَقَضَى حَوَائِجَهُ، وَأَجْزَلَ عَطَاءَهُ. ثُمَّ حَكَى: أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذا الشَّيْخ زَرْعٌ، وَأَنَّهُمْ خَشَوا عَلَيْهِ مِنْ جَيْشِ عَظِيْمٍ (٤) نَزَلَ عِنْدَهُمْ، فَقَرَأُوا عَلَى جَوَانِبِه القُرْآنَ، فَسَلِمَ وَلَمْ يُرْعَ مِنْهُ سُنْبَلَةً وَاحِدَةٌ. قَالَ: وَدَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا نَقِيْبُ نُقَبَاءِ الطَّالِبِيِّينْ الطَّاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الحُسَيْنِيُّ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَخَدَمَهُ، وَسَأَلَهُ رَفْعَ رُقْعَةٍ لَهُ، إِلَى الخَلِيْفَةِ المُسْتَنْجِدِ، وَأَنْ يَتَكَلَّمَ لَهُ عِنْدَ عَرْضِهَا وَلَا يُهْمِلَهَا، فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: وَالله مَا أَهْمَلْتُ لِأحَدٍ رُقَعةً قَطُّ، وَلَا حَاجَةً


(١) في (ط): "إليك".
(٢) في (ط): "أكشوت" بِالتَّاءِ، وَالكَامِخُ: نَوْعٌ مِنَ الأَدَمِ مُعَرَّبٌ. يُرَاجَعُ: المُعَرَّبُ لِلجَوَالِيقِيِّ (٢٩٨).
(٣) في (ط): "الأجلة".
(٤) أَي: جَرَادٌ وَشِبْهِهِ.