للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَضَرَنِي ذِكْرُهَا، وَذَكَرَ حِكَايَةً عَنِ الوَزِيْرِ ابْنِ العَمِيدِ (١): أَنَّهُ وَعَدَ رَجُلًا النَّظَرَ فِي ظُلَامَتِهِ، وَمَطَلَهُ وَسَوَّفَهُ، وَقَالَ: سَنَنْظُرُ فِيْهَا، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: هَذَا كَلَامُ مَنْ لَا يَعْرِفُ دَبِيْبَ السَّاعَاتِ فِي انْخِرَامِ السُّدُوْلِ، فَانْتَبَهَ لَهَا ابْنُ العَمِيْدِ، والآنَ يَتَوَلَّى رَفْعَ ظُلَامَاتِ المُتَظَلِّمِيْنَ. قَالَ: وَدَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الخَالِقِ (٢) بْنُ يُوسُفَ المُحَدِّثُ، وَقَالَ فِي كَلَامِهِ: المَمْلُوْكُ شَيْخٌ مِنْ حَمَلَةِ القُرْآنِ، وَأَهْلِ العِلْمِ، وَرُوَاةِ الحَدِيثِ، وَلَهُ وَعَلَيْهِ حُقُوقٌ فِي بَيْتِ المَالِ (٣) فَانْظُرْ لَهُ وَعَلَيْهِ، مُقَاطَعَةُ شَيءٍ مِنَ الجَانِبِ الغَرْبِيِّ، فَلَيْسَ بِيَدِهِ شَئٌ. فَتَقَدَّمَ لَهُ الوَزِيْرُ بِخَمْسِيْنَ دِيْنَارًا قَبَضَهَا فِي مَجْلِسِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: هَذا (٤) بَعْضُ مَالَكَ عَلَى بَيْتِ المَالِ، فَأَدِّ بَعْضَ مَا عَلَيْكَ لِبَيْتِ المَالِ.

قَالَ: وَكُنَّا يَوْمًا عِنْدَهُ، وَالمَجْلِسُ غَاصُّ بِوُلَاةِ الدِّيْنِ وَالدُّنْيَا، وَالأَعْيَانُ الأَمَاثِلُ، وَابْنُ شَافِعِ يَقْرَأُ عَلَيهِ الحَدِيْثَ، إذْ فَجَأَنَا مِنْ بَابِ السِّتْرِ وَرَاءَ ظَهْرِ الوَزِيْرِ صُرَاخٌ بَشِعٌ وَصِيَاحٌ يرْتَفِعُ، فَاضْطَرَبَ لَهُ المَجْلِسُ، وَارْتَاعَ الحَاضِرُوْنَ،


(١) هُو الكَاتِبُ، وَالأَدِيْبُ، وَالوَزِيْرُ المَشْهُورُ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ العَمِيدِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو الفَضْلِ (ت: ٣٦٠ هـ) أَخْبَارُهُ في: الإمتَاعِ وَالمُؤَانَسَةِ (١/ ٦٦)، وَتَجَارِبِ الأُمَمِ (٦/ ٢٧٤)، ويَتِيمَةِ الدَّهْرِ (٣/ ١٥٤)، وَوَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (٥/ ١٠٣)، وَالوَافِي بِالوَفَيَاتِ (٢/ ٣٨١)، وَالنُّجُوْمِ الزَّاهِرَةِ (٤/ ٦٠)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (٣/ ٣١).
(٢) هو عبْدُ الخَالِقِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ القَادِرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوسُفَ، أَبُو الفَرَجِ (ت: ٥٤٨) حَنْبَلِيٌّ، تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ عَلَى المُؤلِّفِ فِي مَوْضِعِهِ.
(٣) سَاقِط من (ط).
(٤) على هامش (أ): "إِلَى أَنْ" قِرَاءَةَ نُسْخَةٍ أُخْرَى.