للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالوَزِيْرُ سَاكِنٌ سَاكِتٌ، حَتَّى أَنْهَى ابْنُ شَافِعٍ (١) قِرَاءَةَ الإِسْنَادِ وَمَتْنَهُ، ثُمَّ أَشَارَ الوَزِيْرُ إِلَى الجَمَاعَةِ عَلَى رِسْلَكُمْ، ثُمَّ قَامَ وَدَخَلَ إِلَى السِّتْرِ وَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ، فَجَلَسَ وَتَقَدَّمَ بِالقِرَاءَةِ، فَدَعَا لَهُ ابْنُ شَافِعٍ وَالحَاضِرُوْنَ، وَقَالُوا: قَدْ أَزْعَجَنَا ذلِكَ الصِّيَاحُ، فَإِنْ رَأَى مَوْلَانَا أَنْ يُعَرِّفَنَا سَبَبَهُ، فَقَالَ الوَزِيْرُ: حَتَّى يَنْتَهِي المَجْلِسُ، وَعَادَ ابْنُ شَافِعٍ إِلَى القِرَاءَةِ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ وَقُلُوْبُ الجَمَاعَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَعْرِفَةِ الحَالِ، فَعَاوَدُوْهُ، فَقَالَ: كَانَ لِي ابْنٌ صَغِيرٌ مَاتَ حِيْنَ سَمِعْتُمُ الصِّيَاحَ، وَلوْلَا تَعَيُّنُ الأَمْرِ عَليَّ بِالأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ فِي الإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ ذلِكَ الصِّيَاحِ، لَمَا قُمْتُ عَنْ مَجْلِسِ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَجِبَ الحَاضِرُوْنَ مِنْ صَبْرِهِ.

قَالَ: وَحَضَرَ يَوْمًا فِي دَارِ الخِلَافَةِ بـ "المُرَخَّمِ" مِنَ "التَّاجِ" (٢) فَجَلَسَ بِهِ، وَحَضَرَ أَرْبَابُ الدَّوْلَةِ بِأَسْرِهِمْ لِلصَّلَاةِ عَلَى جِنَازَةِ الأَمِيْرِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ المُسْتَظْهِرِ (٣)،


(١) أَحْمَدُ بنُ صَالِحِ بنِ شَافِعٍ الجِيْلِيُّ (ت: ٥٦٥ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(٢) التَّاج قَصْرٌ بَنَاهُ الخَلِيْفَةُ المُعْتَضِدُ، وَلَم يَتِمَّ فِي أَيَّامِه فَأَتَّمَهُ ابنُهُ المُكْتَفِي، وَأَخْبَارُهُ وَتَطُوُّرُ البِنَاءِ فِيهِ عَلَى مَرِّ العُصُوْرِ يَطُوْلُ ذِكْرُهُ، يُرَاجَعُ: مُعْجَمُ البُلْدَانِ (٢/ ٣) وَاشتُهِرَ فِيْمَا بَعْدُ بِـ "الجَعْفَرِيِّ" ثُمَ بـ "الحَسَنِيِّ" ثُمَّ عُرِفَ حَيُّهُ بـ "المَأْمُونِيَّةِ" وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. ولَمْ أَقِف عَلَى "المُرَخَّمِ".
(٣) لَعَلَّهُ أَبُو القَاسِمِ المَذْكُوْرِ فِي المُنْتَظَمِ (١٠/ ١٧٩) في وَفَيَاتِ سَنَةِ (٥٥٢ هـ) قَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: "وَكَانَ أَصْغَرَ أَوْلَادِهِ سِنًّا، وَمَضَى مَعَهُ الوَزِيْرُ إِلَى مَقْصُوْرَةِ جَامِعِ السُّلْطَان فَصَلَّى بِهَا الجُمُعَةِ فِي المَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ السُّلطَانُ. . ." وابنُ المُسْتَظْهَرِ هَذَا أَخُو الخَلِيْفَتَيْنِ المُسْتَرْشد بِالله، وَالمُقْتَفَي لأَمْرِ اللهِ، وَعَمُّ الخَلِيْفَةِ الرَّاشِد بِاللهِ الَّذي لَمْ تَطُلْ مُدَّةُ وِلَايَتِهِ، سَنَةَ (٥١٢ هـ) وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.