للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} (١) قال لى: أَتَقْرَأُ سُورَةَ الْمَائِدَةِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: اقْرَأَ عَلَيَّ آيَةَ الوُضُوءِ، فَقَرَأتُهَا فَقَالَ: مَا أَرَاكَ إِلا قَدْ عَرَفْتَ وُضُوءَ الصَّلَاةِ، أَمَا سَمِعْت الله تَعَالَى - يَقُولُ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (٢)؟ أَتَدْرَيِ مَا دُلُوكُهَا؟ قلْتُ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ عَنْ بَطْن السَّمَاءِ بَعْدَ نِصَفِ النَّهَارِ قَالَ: نَعَمْ، فَصَلِّ الظُّهْرَ حِينَئِذٍ، وَصَلِّ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ تجَدُ لَهَا مَسًا، قَالَ: أَتَدْرِي مَا غَسَقُ اللَّيْلِ؟ قال: غُرُوبُ الشَّمْسِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فاحدرها (٣) فيِ أَثَرِهَا، ثُمَّ احْدُرْهَا فيِ أَثَرَهَا وَصَلِّ الْعِشَاءَ إِذَا ذَهَبَ الشَّفَقُ إدلأم (٤) اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَشَارَ إِلَى الْمَشْرِقِ فِيمَا بَيْنَكَ وَبيْن ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَمَا عَجَّلْتَ بَعْدَ ذَهَابِ بَيَاضِ الأُفُقِ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَصَلِّ الْفَجْرَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، أَتَعْرِفُ الْفَجْرَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ألَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَعْرِفُهُ؟ قُلْتُ: هُوَ إِذَا اصْطَفَقَ (٥) الأُفُقُ بِالْبَيَاضِ، قَالَ: نَعَمْ، فَصَلِّها حِيَنئِذٍ إِلَى السَّدَفِ (٦)، ثُمَّ إلَى السَّدَفِ، ثُمَّ إِلَى السَّدَف، وَإِيَّاكَ وَالْحَبْوَةَ (٧) وَالإِقْعَاءَ (٨)، وَتَحَفَّظْ مِنَ السَّهْوِ حَتَّى تَفْرُغَ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى، قَال: أَمَا سَمِعْتَ الله -تَعَالَى- يَقُولُ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} (٩) {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} (١٠) فَذَكَرَ الصَّلَواتِ كُلَّهَا، ثُمَّ قَالَ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (١١) أَلَا وَهِيَ الْعَصْرُ، أَلَا وَهِيَ الْعَصْرُ".


(١) سورة الحجر الآية ٨٧.
(٢) سورة الإسراء من الآية ٧٨.
(٣) فاحْدُرْها: -أى أسْرعِ- حَدَر في قراءته وأذانه يَحْدُرُ حْدرًا وهو من الحدور ضد الصعود - النهاية ج ٢ ص ٣٥٣.
(٤) في أصل المخطوط "إذلام" وفى مصنف ابن أبي شيبة (إبلام) والصواب إدلأم الليل: إدلهم أي كثف ظلامه.
(٥) اصطفق الأفق: أى اصطدم الليل ببياض النهار.
(٦) السَّدَفُ: - أي بياض النهار النهاية ج ٢ ص ٣٥٥ اهـ.
(٧) الحْبُو: - أى يمشى على يديه وركبتيه أو استه النهاية ج ٢ ص ٣٣٦ ا. هـ.
(٨) الإقعاء: أن يُلْصق الرجل أليتيه بالأرض وينصب ساقيه وفخذيه، ويضع يديه على الأرض كما يُقعى الكلب النهاية ج ١ ص ٨٩.
(٩) سورة الإسراء من الآية ٧٨.
(١٠) سورة النور من الآية ٥٧.
(١١) سورة البقرة من الآية ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>