للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الفقير على تقدير إيجابها على المدين مُعارَضٌ بما يدلُّ على نقيضِه، فإنه إذا كان المانع موجودًا [ق ٢٣] والمقتضي موجودٌ على ما ذكره المستدل من النصّ والقياس أو غيرهما= فقد تعارض في حق الفقير المقتضِي لإيجاب الزكاة والمانعُ لها، وتعارضُ الأدلةِ على خلاف الأصل، لأنه يلزم تركُ العمل بأحد الدليلين. وتركُ مدلولِ الأدلةِ على خلاف الأصل، لأنّ الدليلَ حقُّه أن يَطَّرِدَ في اقتضاء مدلولِه، فيُعلَم المدلولُ منه حيث وُجِد، والأصل إعمالُه لا إهمالُه، فإذا تخلف عنه مدلوله لمعارض (١) فقد خالف الأصل.

وأيضًا فوقوع التعارض بين الأدلة الشرعية قد يُوهم التناقض، وقد يُفضي إلى الجهل أو الخطأ، لأن من سمعَ الدليلين ولم يترجح عنده أحدهما على صاحبه تَوهَّم تناقضهما، ومن سمع أحدهما دون الآخر اعتقد مضمونَه وعمل به، وربما كان هو المرجوح، فيُفضي إلى الجهل والخطاء (٢)، وإذا لم يتعارض تزول هذه المفسدة. والأصل عدمُ ما يقتضي وقوعَ مفسدةٍ في الأدلة الشرعية.

وأيضًا فإنَّ أقلَّ درجات الدليل أن يكون بحيث يُفيد النظر فيه غلبةَ الظن المدلول عليه، والأغلب عليه وقوع مدلوله، فإذا تعارض الدليلان لَزِمَ تركُ أحدهما، فيلزم مخالفة الأعم الأغلب إلى الأشذّ الأندر وإخلاف الظن الغالب، وهذا على خلاف الأصل.


(١) في الأصل: "المعارض".
(٢) كذا في الأصل ممدودًا، وهو صواب.