للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصحاب هذا الجدل ... واستدلوا بما ..... [ق ٢] .... استدلال بعضهم من النصّ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أدُّوا زكاةَ أموالكم" (١)، فإذا نُوزِعوا في شمولِه للفقير إذ لا مالَ له قالوا: [المراد] (٢) به مَن ملك دون النصاب أو مالًا غير زكوي.

وهذا الحديث بهذا اللفظ لا أصلَ له، ولا يُعرف في شيء من كتب الحديث والفقه المعتبرة (٣)، وبتقدير صحته فقد انعقد الإجماعُ على أن الفقير غيرُ مرادٍ منه، فلا يصحُّ الاستدلالُ به على الوجوب على الفقير. وقد انعقد الإجماعُ على أن المرادَ به الأموالُ الزكويّةُ قدرًا ونوعًا دون ما سِوى ذلك، فلا يكون مَن ليس كذلك داخلًا فيه.

فإن قيل: هو مرادٌ على هذا التقدير، وهو تقدير الوجوب على المدين، لأنه جائز الإرادة على هذا التقدير، لأنَّ من يسوِّي بين المدين والفقير يقول: إن النصَّ الموجبَ للزكاة في أحدهما موجبٌ للزكاة في الآخر، فلو كان الموجبُ (٤) على المدين مرادًا لكان الوجوب على الفقير مرادًا.

قيل: كون الشيء مرادًا معناه أن الشارعَ أرادَه بكلامه، وهذا أمرٌ قد استقرَّ وثبتَ، فلا يُمكن انقلاب مرادِه غيرَ مُرادٍ له، ولا ما ليس بمرادٍ له مرادًا له. ونحن قد علمنا قطعًا أن الفقيرَ ليس بمرادٍ، فلا يُمكن الاستدلال على وقوع الإرادة بعدَ ذلك بكونه جائزَ الإرادة، أو بكون اللفظِ عامًّا له، أو بغير ذلك من الأدلة، لأن ما ليسَ بواقعٍ لا يقوم دليلٌ صحيح على وقوعِه.


(١) سيأتي تخريجه (ص ٤٧٦).
(٢) زيادة ليستقيم المعنى.
(٣) هو جزء من حديث كما ذكرنا، وسياقه بتمامه ينافي شمولَه للفقير.
(٤) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "الوجوب" كما يدل عليه السياق.