الملزوم، فوجودُ هذا ملزومٌ لوجودِ الآخر، وعدمُ الآخر ملزومٌ لعدم هذا، وعلى ما ذكرناه لا يُقبَل بعد تسليم التلازم سؤالٌ يقدحُ في التلازم، لكن هؤلاء المجادلون لا يثبتون التلازم بما ينشأ من تقدير الوجوب على المدين، وهو قيام مُقتضِي الوجوب أو عدم مانعٍ من الوجوب على هذا التقدير، فإن ذلك إذا صحَّ كان كلامًا علميًّا، وانقطعَ بابُ المراوغة الذي فَتَحوه. وإنما يُثبتون الوجوب على الفقير على هذا التقدير بأدلةٍ لا تأثيرَ لهذا التقدير فيها، وهو النصوص العامَّة أو الأقيسة [ق ١٣] العامة أو غيرهما من الدورانات والتقسيمات والملازمات العامة. وقد قال البصير بالجدل: كلُّ تقديرٍ لا ينشأ منه قيامُ مقتضٍ ولا نفيُ معارضٍ فإنه غير مفيد، كمن يقول: لو طلعت الشمسُ لكانت السماءُ فوقنا والأرض تحتنا، أو يقول: إن كانت الشمس طالعةً فالعباداتُ غير واجبة بالباقي، ويسلك هذه الطريقة. فإذا استدلَّ على التلازم بدليلٍ لا يختص بذلك التقدير المفروض فالوجه أن يُبَيَّنَ بطلان دلالته حتى تنتفي الملازمة، ويُعارَضَ بمثلِه من الكلام حتى ينقطع المستدلّ ويتبين عجزه عن إتمام هذا التلازم الفاسد.
أما الممانعة فلم يذكر دليلًا يدلُّ على التلازم حتى نتكلَّم على عينه، لم يبق إلا المعارضة التي سلكَها.
لكن لا يقال: لا نُسلِّم انتفاءَ ثبوتِ النصِّ أو القياس أو غيرهما من الدلائل للوجوب، لأنها لو اقتضت الوجوبَ والوجوبُ منتفٍ لَزِمَ تركُ العمل بالمقتضي، وهو خلافُ الأصل. أو لو اقتضت الوجوب على الفقير والمانعُ متحقق بالأصل لَزمَ التعارضُ، وهو خلافُ الأصل. وإذا تُرِكَ العملُ بالمقتضي للوجوب على ذلك التقديرِ لم يكن تركًا للعمل به في نفس الأمر،