للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المصنف (١): (ولئن قال: لا وجودَ لأحدهما أصلًا على ما ذكرتم من التقدير، إذ لو تحققَ أحدُهما تحققَ (٢) الوجوب على الفقير لا مَحالةَ، ولا يتحقق [هذا] (٣) على ذلك التقدير لما قررنا. فنقول: يتحقق أحدُهما لما مرَّ آنفًا).

هذه دعوى محضة بمثلها قَصْدُ المعترض منها نفيُ هذين الأمرين اللذين ادعى المستدلّ أحدهما بما ينفي أحدَهما، وهو الوجوب على الفقير. وهو في الأصل كلام صحيح، فإن المستدل يقول: لا وجودَ للوجوب على الفقير ولا للملازمة، لأن أحدهما إذا وُجِد فلا بدَّ أن يوجَد الوجوبُ على الفقيرِ بتقدير الوجوب على المدين، لأنه إن وُجِد الوجوبُ على الفقير فظاهرٌ، وإن وُجِدت الملازمةُ وُجِد الوجوبُ على الفقير على ذلك التقدير، لتحقق الملزوم، وهو الوجوب على المدين إذ التقدير ذلك، لكن لا يجب على الفقير على هذا التقدير، لما تقدم من الأمرين، فلا يكون أحدهما موجودًا.

فقال له المستدل: يتحقق أحدهما لما مرَّ آنفًا من دعوى أحد الأمرين إما الملازمة أو الوجوب على الفقير، وما ذكرتُه من الأمرين لا يدلُّ على نفيهما، بل يدلُّ على نفي أحدهما مبهمًا، لأن الوجوب على الفقير من لوازم أحدهما، فإذا انتفَى انتفى أحدهما، ولا يلزم من انتفاء أحدهما انتفاء كلّ واحدٍ منهما في الأول والثاني.


(١) "الفصول" (ق ٣ أ).
(٢) في "الفصول": "لتحقق".
(٣) زيادة من "الفصول".