للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: «لا أعتقدُهُ دليلًا» ينفي قولَه: «هو دليل في نفس الأمر»؛ لأنه لو كان دليلًا لاعتقده دليلًا؛ لأنَّ الأصلَ في المسألتين الصحة.

ثم يقولُ له المعترض: إن سَلِمَ في نفس الأمر عن هذا النقض فهو منقوض بالفرع، وكلٌّ منَّا يعتقدُ انتقاضه في نفس الأمر بصورة، فقد أجْمَعْنا على أنه ليس بدليل في نفس الأمر. وأما الحكم في الفرع فقد علمت أنه ليس بلازم على التقدير الآخر، وعلى تقدير لزومِهِ فإن الدليلَ باطل منقوض، والمدَّعى هو ثبوتُ الحكم بذلك الدليل، فإذا لم يلزم ثُبُوت الحكم بذلك [ق ٢٠٨] الدليل على كلِّ واحد من التقديرين بطل المدَّعَى.

واعلم أن أصل هذا الفساد: دعوى التلازم بين مسألتين لا مناسبة بينهما، فاحْذَرْه فإنه بابٌ عظيمٌ من باب أغاليط هؤلاء المغالطين، وعليك بإحكام أصول الفقه، فإنه يبيِّن لك طُرق استخراج الأحكام الشرعية من الأدلة السمعية.

قوله (١): (وإن لم يكن فالجواب عنه بالفرق، أو بتغيير (٢) المدَّعى بأن يقال: انتفاءُ (٣) المجموع المركَّب من العدم هنا، والوجوب ثَمَّة، فإنه (٤) ثابت؛ لأن الوجوبَ ثمة لا يخلو: إما إن كان ثابتًا أو لم يكن، فإن لم يكن فظاهر، وإن كان فكذلك ضرورة تحقق الوجوب هنا لما بيَّنَّا من الدليل السالم عن التخلُّف).

هذا هو الجواب على تقدير أن لا يكون حُكم الفرع من لوازم عدمِ


(١) «الفصول»: (ق/٨ أ).
(٢) «الفصول»: «إما بالفرق أو بتعيين».
(٣) «الفصول»: «المدّعى انتفاء».
(٤) «الفصول»: «وأنه».