للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جائز، أو فهو واقع على التقادير الجائزة.

فوجهه (١) أن يُقال: التقدير الجائز لا يُغَيِّر الحقائق؛ لأنه لو غيرها للزم إما تبديلُ الحقائق أو بقاؤها وعدمه، فيخرج عن أن يكون واقعًا، وإذا لم يغيِّرها، فهو واقع في نفس الأمر، لو زال على [ق ٣٢١] تقدير جائز للزم أن تكون الجائزات قد أبطلت الحقائق، وهو باطل.

واعلم أن هذا الكلام ليسَ بسديدٍ؛ وذلك أن التقديرات الجائزة قد يلزم منها قيام ما يمنع وقوع الواقع، وذلك إنما يدلُّ على عدم وقوعها لا على عدم جوازها، فإنَّ تقديرَ قيام الساعة في هذا الوقت، أو تقدير خراب الأمصار المعمورة، أو تقدير بعثةِ رسولٍ آخر، أو تقدير كَوْن الشريعة أزْيَد مما هي الآن أو أنْقَص (٢) تقديرات جائزة ويلزم منها رفع أمورٍ واقعة= لكنَّا نستدلُّ بوقوعِ الواقعات على عدم هذه الجائزات.

فإن قال: أُريد بالجائز ما لا يُعْلَم عدمُه.

قيل: وعدم علمنا بعدمه لا يقتضي جوازه، لأنَّ ما لا يُعْلَم عدمُه قسمان:

أحدُهما: واقع، والآخرُ: غير واقع.

وإذا فرضنا شيئًا لا يُعْلَم عدمُه، وكان في نفس الأمر معدومًا، فإنه على تقدير وجوده قد يلزم تغيير الأمور الواقعة؛ لأن تقدير وجودِه ليس واقعًا، ونحنُ إنما علمنا أنَّ الواقع واقعٌ في نفس الأمر ولم يُعْلَم أنه واقع إذا تغيَّر ما


(١) قبلها بياض بقدر كلمتين.
(٢) الأصل: "نقص" ولعل الصواب ما أثبت.