للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشتملا على مصلحة للمأمور والمنهي بتقدير الطاعة، ولابد أن يشتملا (١) على مفسدةٍ لمن عصى، كما قال عُمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وغيره من السلف: «إن الله إنما أمر العبادَ بما ينفعهم، وإنما نهاهم عما يضرهم» (٢). ولتلك المصلحة ثلاثة (٣) مصادر:

أحدها: أن تصدر المصلحة من نفس اعتقاد الوجوب والعزم على الامتثال.

والثاني: من جهة الفعل؛ من حيثُ هو مأمورٌ به، أو منهيٌّ عنه.

والثالث: من جهةِ الفعل؛ من حيث هو.

فإذا نهى الله سبحانه العبدَ عن شيءٍ، ففي معصية هذا النهي إما بفعل المنهي عنه، أو باعتقاد عدمِ التحريم والعزمِ على فعل المنهي عنه فسادٌ للمكلف.

أما الفعل المنهيُّ عنه من حيث هو هو فلا يجب أن يشتمل على مفسدة، فإنَّ النهيَ قد يكون ابتلاءً وامتحانًا للمكلَّف، كما نهى الله أصحابَ طالوت عن أن يشربوا من النهر زيادةً على غرفة، وإن كانوا لو (٤) شربوا بدون النهي لم يكن فيه فساد. وهذا مذهب الفقهاء وأهلِ (٥) السنة.

وأما القدريَّة فعندهم لابدَّ أن يكون الفعل في نفسه مشتملًا على مفسدة،


(١) الأصل: «يشتمل».
(٢) هذا المعنى منتشر جدًّا في عبارات السلف، ولم أعثر عليه بلفظه عن عمر.
(٣) الأصل: «ثلاث».
(٤) كذا، ولعلها محرفة عن «قد»، لأن «إن» و «لو» للشرط فلا يجتمعان.
(٥) كذا ولعلها: «من أهل».