للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمر مُشَبَّه بالعاصي، لا أنه قِسْم من العاصين؛ إذ المُشَبَّه غير المُشَبَّه به.

والجوابُ عن هذا ــ على دقة فيه ــ: أن الجزء قد يُشَبَّه بالكلِّ، ومن هنا سُمِّي هذا النظم قياسًا، فكأنَّه قال: كما استحقَّ العاصي العقاب يستحقه تارك الأمر؛ لأنه قِسم منه، فهو تشبيه لاستحقاق النوع باستحقاق الجنس.

قوله (١): (ولئن قال: لو كان الأمر للوجوب لكان الترك معصيةً في كلِّ صورةٍ من صور الأمر صيغةً، وليس كذلك.

فنقول: الكلامُ فيما إذا كان عاريًا عن القرينة النُّطْقية والعقلية).

لا شكَّ أن الأمر يدلُّ على أن الآمِر أوجبَ الفعلَ إلا أن يدل دليل على أنه لم يوجِبْه، وإنما نَدَب إليه، وهذا شأن جميع الأدلة التي تُتْرَك لما هو أقوى، فإنَّ تَرْكَ مدلول الدليل مقرونًا بمانعٍ لا يُبْطل دلالَتَه، ولو بطلت دلالتُه بتركه لمانعٍ لما صحَّ الاستدلال بدليل يمكنُ تخلُّف مدلوله عنه من الأمر والنهي والعموم والخصوص والمطلق والمقيَّد، وخبر الآحاد والقياس، والشهادة والفتوى والاستصحاب.

نعم، هل الدليل مجموعُ الأمرين ــ الأمر وعدم القرينة ــ حتى يُقال: الأمر المجرَّد هو الدليل، أو الدليل هو نفس الأمر، والقرينة معارض لذلك الدليل؟ هذا فيه منازعة لفظية.

وقوله: «إذا كان عاريًا عن القرينة النُّطْقية [والعقلية»، لو قال:] (٢)


(١) «الفصول»: (ق/١٠ أ).
(٢) ما بين المعكوفين زيادة يستقيم بها السياق ويدل عليها عبارة صاحب «الفصول»، وكلام المؤلف بعدها.