للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما الذي رواه مسلم في «صحيحه» (١) عن عبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البِكرُ بالبِكر جَلْدُ مائةٍ وتغريبُ عامٍ، والثيبُ بالثيب جَلْدُ مائةٍ والرجمُ». وفي «الصحيح» (٢) أيضًا عن عمر وغيرهِ: أنه كان فيما أُنزِل من القرآن «الشيخُ والشيخةُ إذا زنيا فارجموهما البتةَ نكالًا من الله والله عزيز حكيم»، فنُسِخَ لفظُه وأُبقيَ حكمُه باتفاق الفقهاء أهل السنة، للنصوص الكثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في رجم الثيب، التي ليس هذا موضعها.

فإذا احتجَّ المستدلُّ بأحد الألفاظ الثلاثة، قال له المعترض: خصَّ عن النص موضع الإجماع، وهو ما إذا شهد عليه أهل الذمة إلى آخر التقدير. وكذلك لو استدل ابتداءً على عدم الرجم بدليل ذكره، فيعارضه السائل بالنص العام المقتضي للوجوب، فإن المستدل يقول: خصّ عنه صورة الإجماع، فيخص صورة النزاع بالقياس. والكلام فيه كالكلام في القياس المثبت للوجوب ابتداءً سؤالًا وجوابًا، إلا أنه يُبدَل لفظ الوجوب بلفظ المخصص.

واعلم أنهم يُورِدون على القياس المخصوص ما لا يصحُّ من الأسولة، فنذكره ونُبيّن حاله، وذلك أن المخصص إذا قال: خُصَّتِ الصورةُ الفلانية، فكذلك [هذه] الصورة بالقياس عليها، لأن التخصيص هناك إنما كان تحصيلًا للمصالح المتعلقة بالتخصيص بشهادة المناسبة، فيجب ثبوت


(١) برقم (١٦٩٠).
(٢) البخاري (٦٨٣٠) ومسلم (١٦٩١) دون ذكر لفظ الآية. وهو في «الموطأ» (٢/ ٨٢٤) وابن ماجه (٢٥٥٣) وغيرهما.