أحدهما: في باب القياس، وهو أن يقيس على أصلٍ مركَّب، أو بوصفٍ مركب، فأما القياس على أصلٍ مركب؛ فأن يكون الحكم في الصورة واحدًا متفَقًا عليه، ولكن عِلَّته مختلفة، فهذا إن كان الأصلُ ثابتًا بنصٍّ أو بإجماع غيرِ مَبْنيٍّ على ذلك المأخذ، فلا ريبَ أنه حُجَّة.
وأما إن كان الإجماع تبعًا لذلك المأخَذ، فهنا قد اختلفَ فيه الناسُ قديمًا وحديثًا، فأكثر الفقهاء والمفتين لا يحتجون به، وأكثرُ الجدليِّين يحتجُّون به، وقسَّمه بعضُهم [ق ٣٠٩] ثلاثةَ أقسام:
قسم: لا يُقْبَل في المناظرة، ولا يجوز إسناد الفتوى والحكمِ إليه.
وقسم: يُقْبَل في الفتوى والمناظرة.
وقسم: يُقْبَل في المناظرة دون الفتوى.
فالأول: ما لا يُشْعِر بفقه المسألة ولا بمأْخَذِها الحقيقي، ولا بمناقضة الخصم.
مثال ذلك: أن يُقال في مسألة اشتراط الوليّ: أنثى فلا تُزَوِّج نفسَها قياسًا على ابنة خمس عشرة، فإنَّ أبا حنيفة يُسَلِّم أن ابنة خمس عشرة لا تزوِّج نفسَها، لكن لأنها صغيرة عنده إذا لم تحتلم ولم تَحِضْ إلى ثمان عشرة،