للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استصحاب الحال الأولى سالمًا.

نعم، زعم بعضُ الناسِ أنَّ هذا تمسُّكٌ بالإجماع، وهذا غلط، وكذلك من اعتقد أن التمسُّكَ بالاستصحاب هو تمسُّكٌ بالدليل الدالِ على ثبوت الحال الأولى، فهو غالط؛ إذ لو علمنا دلالة الدليل على الحال الثانية لساوَتْ (١) الحال الأولى في الثبوت، وحينئذٍ يُسْتَغنى عن الاستصحاب.

ولا خلاف بين الفقهاء المعتبرين أنه آخر الأدلة، بحيث لا يجوز العملُ به إلَّا بعد الفَحْص التَّامِّ عن الدليلِ الناقِل المُغَيِّر، ثم قوَّتُه وضعفُه بحسب قوَّة الاعتقاد بعدم الناقلِ وضعفِه، فإن فُرِض القطعُ بعدمِ الناقل، وجبَ القطعُ بمضمون الاستصحاب.

وعند الفقهاء المعتبرين أن القياسَ الصحيحَ مُقَدَّمٌ على استصحاب الحال، وكذلك الظواهرُ كلُّها من العموم والأمر.

وأما أهلُ الظاهر فيقدِّمون الاستصحابَ على القياس، ومَفْزَعُهم في عامَّة ما ينفونه من الأحكام الاستصحابُ، كما أن مَفْزَع كثيرٍ من القياسيِّين الطرْدِيَّات والشُّبُهات.

القسم الرابع: استصحابُ حالِ دليلِ العقل، وهو ضربان:

أحدهما: من اعتقد أن الأعيان قبل الشرع على الإباحة أو التحريم، فقد اختلفوا في استصحاب حكمِ هذا الدليل بعد الشرع، وأكثرهم يستصحبونه، وكذلك من اعتقدَ وجوبَ أشياءَ بالعقلِ، فإنهم يستصحبون إيجابَها حتى


(١) الأصل: "لتناوب".