للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الرابع: أن التخصيص يصحُّ طلبُه وجودًا وعدمًا من الربّ لعبده ومن العبد لربّه، بأن يقال: إما (١) خصُّوا هذه الصورة الفلانيّة، [ق ١١٨] وذلك متحققٌ لكونه أمرًا وجوديًّا.

الوجه الخامس: لو لم يكن وجوديًّا لكان نقيضُه وهو عدم التخصيص وجوديًّا، لامتناع خلو النقيضين، لكن ليس بموجود لكونه مما يصحُّ وصفُ المعدوم به، والوجودي لا يكون صفةً للمعدوم. وإذا لم يكن النقيضُ وجوديًّا كان التخصيص وجوديًّا. وربما استدلَّ بعضُهم على أنه فعلٌ بهذا الدليل، لأن نقيضه ليس بفعلٍ، لأن الفعل أمر وجودي، وعدم التخصيص ليس بوجودي، فلا يكون فعلًا، وإذا لم يكن نقيضه فعلًا ثبت أنه فعلٌ، إذ لو لم يكن هو ولا نقيضُه من الأفعال لم يكن مقدورًا، وهو محال. وفي هذين نظرٌ، لأنه يمكن أن يُمنَع كونُ عدم التخصيص ليس وجوديًّا، لأنه عبارة عن إبقاء العموم بحاله، وكونه بحيث يصحُّ أن يوصف بعدم تخصيص العموم، فإنه لا عمومَ فيه حتى يُنفَى عنه تخصيصُه. نعم يصحُّ أن يُوصَفَ بعدم التخصيص المبتدأ، أو بعدم التخصيص مطلقًا، إذا عُنِيَ به عدمُ هذا النوع، أما عدم تخصيص العموم فممنوع.

واعلم أن حقيقة الأمر أن التخصيص مشتملٌ على أمر وجودي وعدمي، فإن حقيقتَه لا تقوم بدونهما. وبهذا يندفع هذا السؤال، لكن على العبارة الثانية سؤال، وهو أنه يمكن أن يقال: التخصيصُ ليس فعلًا ولا عدمَ فعلٍ، وليس بمقدور، إذا عُنِيَ به عدمُ الإرادة، والإرادة صفة أزلية، فلا تكون مقدورةً وإن (٢)


(١) في الكلام نقص ظاهر.
(٢) الأصل: «وإذا» والصواب ما أثبتناه.