أن لا يكون حقًّا، بخلاف من يجب عليه الحكم، فإن عليه إنفاذ الحكم، ولا يمكنه إلا بما ذكرناه.
الخامس: أن نقول: قد دار إضافة الفعل الصالح لحصول المطلوب على حصول المطلوب مع الفعل الصالح في صور كثيرة تفوق العدَّ والإحصاء، بحيث تُوجَد هذه الإضافة إذا وُجِد الفعل الصالح، وتُعدَم إذا عدم، وذلك يوجب كون المدار علةً للدائر، فعُلِم أن علة الإضافة إلى المطلوب وجود الفعل الصالح لحصول المطلوب، والفعل الصالح حاصلٌ في هذه الصورة، فتوجد الإضافة، وهو المقصود. والاحتجاج [ق ٦٥] بالدوران على صحة المناسبة هكذا أجود، لما سنذكره إن شاء الله.
وإن شئتَ أن تقول: كون السبب المناسب علةً للحكم قد دار مع المناسبة وجودًا وعدمًا في مواضعَ تفوقُ العدَّ والإحصاء، والدوران يُوجب كونَ المدار علةً للدائر، فثبت أن المناسبة توجب كونَ المناسب علةً للحكم.
وأما كلام المصنف فقوله: «الوجوب ثابتٌ في المضروب بالإجماع (١)، فكذا في صورة النزاع بالقياس عليه، لأن الوجوب في المضروب إنما كان تحصيلًا للمصالح المتعلقة بالوجوب، كتطهير المزكي وغيره بشهادة المناسبة».
واعلم أن هذا المثال لا يَحسُن أن يمانع في كون الوجوب إنما كان تحصيلًا للمصالح المتعلقة بالوجوب، من تطهير المزكي من الذنوب والأدناس وتزكية نفسه وعمله، كما أشار إليه قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً
(١) الأصل: «صورة الإجماع» وهو خطأ، وقد تقدم كلام المصنف (ص ١٠٣).