للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدوران لا يتوقف على وجود المدار ولا على وجود الدائر، لجواز كونهما عدميَّين، كما تقدم مثل ذلك في التلازم، وإن كان الكلام هناك أظهر، فإن الدوران فيه علة ومعلول، وهذا لا يكون الماهيات المحضة، وإنما يفعل غالبًا في الموجودات أو الإعدامات ونحو ذلك. وعلى ذلك فإنه ينقسم أربعة أقسام، لأنهما إما أن يكونا وجوديَّين، كالسُّكر والتحريم، وطلوع الشمس والنهار؛ أو عدميَّين، كعدم هذين مع عدم علتهما؛ أو المدار وجوديًّا والدائر عدميًّا، كالأحكام المعلَّلة بوجود المانع؛ أو بالعكس، وفيه خلافٌ مبنيٌّ على جواز تعليل الأحكام بالأمور العدمية، والصحيح جوازُه في الجملة إذا كان العدم مستلزمًا لأمرٍ وجوديّ ونحو ذلك.

قال المصنف (١): (ثم المدار قد يكون مدارًا وجودًا وعدمًا، كالزنا الصادر من المحصن لوجوب الرجم عليه، فإنه لو وُجِد يجب الرجم، ولولاه لا يجب. وقد يكون وجودًا لا عدمًا، كالهبة لثبوت الملك، فإن الملك يثبت عند وجود الهبة، ولا ينعدم (٢) عند عدمِها قطعًا، لاحتمال أن يكون ثابتًا بالإرث أو بغيره. وقد يكون عدمًا لا وجودًا، كالطهارة [لجواز الصلاة، فإن الجواز يُعدَم عند عدم الطهارة] (٣)، ولا يوجد عند وجودها، لجواز أن لا يتحقق شرطٌ من الشرائط، كاستقبال القبلة وغيره).

واعلم أن معنى هذا الكلام ظاهر، وإن كان في بعض تركيبه خروجٌ عن لسان العرب [ق ٤٢] واللحنُ بما يُشوِّهُ وجهَ المعاني، إذ الألفاظ قوالبُ قلوبها


(١) «الفصول» (ق ٣ ب).
(٢) في «الفصول»: «لا يعدم».
(٣) ما بين المعكوفين ساقط من الأصل.