للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السادس: أن العدم لا يكون علةً ولا (١) جزءًا، لكن للحكم الوجودي أو العدمي. الأول مسلَّم، والثاني ممنوع، فإنّ الناس مجمعون على جواز تعليل العدم بالعدم، كما يقال: عدمُ الطهارة علة لعدم الصلاة، وعدم الاستطاعة علة عدم وجوب الحج، وعدم كونه ماءً أو ترابًا علة (٢) عدم صحة طهارتَي الحدث أو الجنب (٣)، ونحن إنما جعلنا العدم هنا علة لعدم كونِ غير هذا اللفظ حقيقةً، فإن عمومَه يقتضي كونَه حقيقةً، وخصوصه يمنع كونَ غيرِه حقيقةً، إذ لولا اختصاصه بهذه الموارد لكان معنى آخر يعمّ تلك الموارد، فتوجب كونه حقيقةً، ولو كان معنى آخر [ق ١٣٧] غيره حقيقةً لصار اللفظُ مشتركًا، وهو خلاف الأصل، فما ذكرناه عدمٌ يوجب عدمَ حقيقةٍ أخرى لا وجودَ هذه الحقيقة.

السابع: العدم لا يكون علّةً للموجود مطلقًا أو إذا تضمَّن أمرًا وجوديًّا. الأول ممنوع، والدليل المذكور لم يعمَّه؛ والثاني مسلَّمٌ، والدليل عليه أن الفقهاء بل والعقلاء كالمجمعين على إضافة الحكم إلى عدم المانع إذا كان المقتضي ظاهرًا، وكذلك يضيفونه إلى أمر عدمي إذا كان مستلزمًا لوجودي، [كقولهم]: مات لعدم الطعام والشراب، وأصابَهم المطرُ لعدم السَّقف، ويُباحُ قتلُ الحربي لأنه لا ذمَّة له، وتجب الصلاة على الحائض ونحوِها إذا انقطع الدم قبل خروج الوقت لزوالِ المانع. ونظائر ذلك كثيرة، وما نحن فيه كذلك، كما تقدم بيانه.


(١) في الأصل: «والا».
(٢) في الأصل: «عند».
(٣) في الأصل: «الحدث أو الحدث أو الجنب».