لأنه إن لم يكن العام موجودًا فقد تحقَّق أحدُهما بالضرورة، وهو عدم العام، وإن كان موجودًا تحقَّق موجبُه بالنصّ، لأنّ النصّ العام يقتضي تحقُّقَ موجبه، فيكون النصّ محقِّقًا لأحدهما، وأيُّهما تحقَّق لزمَ عدمُ التخصيص، لأنه إن تحقَّق عدمُ العام فلا تخصيص، وإن تحقق موجبه فلا تخصيص.
واعلم أنّ هذين التقريرين فاسدان:
أما الأول فمن وجوه:
أحدها: قوله «التخصيص غير ثابت بدونه» قلنا: هذا حكمٌ على التخصيص بعدمِه عند عدمِ هذا المعنى، والحكم على الشيء فرعُ تصوُّرِه، وكلامنا في تصوُّرِ اسمِ التخصيص وحَدِّ هذا اللفظ بحسب اللغة والاصطلاح، فلا يخلو إمّا أن يكون اسم التخصيص مما قد عُرِف معناه ومفهومُه، أو لم يكن قد عُرِف، فإن كان قد عُرِفَ فلا حاجة إلى الاستدلال عليه، كيف والخصمُ قد نازعَ فيه! وإن لم يكن قد عُرِف لم يجز الحكمُ عليه بعدمٍ أو وجودٍ.
فإن قلتَ: إنما أحكُم على اسم التخصيص، وذلك إنما يتوقف على تصوُّر اللفظ فقط، لا على تصوُّر [ق ١٤٩] معنى اللفظ.
قلتُ: فالأدلة النافية لا تنفي اللفظ، إنما تنفي المدلول عليه باللفظ، لأن الأدلة النافية هي المُفضِية للعموم والشمول، وهذه إنما تنفي إخراجَ بعض العام، لا تنفي أن ينطق ناطقٌ بلفظ تخصيص، وإذا كانت إنما تنفي ما هو المعنيُّ بلفظ التخصيص لم يلزم من نفي هذا المعنى نفيُ الاسم المذكور، حيث يثبت أن هذا المعنى لازم هذا الاسم، ولن يثبت أن هذا المعنى لازمٌ