للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في معدته، وإن لم يكن ذلك وحدَه كافيًا في حصول الشبع، لكن هو لازمٌ من لوازم الشبع.

المسلك الثاني (١): قولهم: «إذا كان جائز الإرادة يكون مرادًا، لأنه لو لم يكن مرادًا فلا يخلو إما أن كان (٢) غيره مرادًا، أو لم يكن مرادًا، فإن لم يكن مرادًا يلزم تعطيلُ النصِّ، وإن كان مرادًا ولم يكن جائز الإرادة لزم إرادة ما لا يجوز إرادته، وإن كان غيره مرادًا وهو جائز الإرادة يلزم اختلال الفهم، فقد خرج الانقسام بين كونه مرادًا وبين عدم كونه مرادًا».

والاعتراضُ عليه أن يقال: لا نُسَلِّم أنَّ غيره إذا كان مرادًا ــ وهو جائز الإرادة ــ يلزم اختلال الفهم، ولم يذكر على ذلك دليلًا، ولا شكَّ أن هذا باطل؛ لأن الاختلال إنما يلزم إذا لم يكن لكلِّ لفظٍ صيغةٌ مخصوصةٌ تدلُّ على المراد الأصليّ من غيره.

فإن أكثر ما يقول: إن المعنيين إذا كان كلُّ منهما جائز الإرادة وقد أُريدَ أحدُهما دون الآخر لزم اختلال الفهم بفهم المعنى الذي ليس بمراد، فوجب أن لا يكون جائز الإرادة إلَّا مرادًا.

قلنا: إنما يلزم اختلال الفهم [عند] من اعتقد أن مجرَّد جواز الإرادة يقتضي الإرادة بالمفسدة الناشئة من اعتقاد هذا الاعتقاد، مع كونه غير مطابق يلزم (٣) إثبات أيّ حقيقةٍ شاء الإنسان بالمفسدة [ق ٢٥٤] الناشئة من اعتقادها


(١) المسلك الأول مضى (ص ٤٤٨).
(٢) كذا، ومثله في «الفصول»، وتقدم هناك (ص ٤٤٥) بلفظ «يكون».
(٣) تحتمل: «للزم».