للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقع شيءٌ منه بخلاف مُخْبره (١)، فلما رأينا في الوجود شيئًا كثيرًا من الضرر والإضرار= علمنا أن مقصودَه النهي عن الضرر والإضرار، فيكون المعنى: لا يتضرَّرَنَّ أحدٌ بأحد، فحيثما تضرَّر أحدٌ بأحد فعلى من كان ذلك التضرُّرُ من جهته أن يزيله ويرفعه، وحيثُما (٢) أضرَّ أحدٌ بأحد فعليه أن ينتهي عن ذلك، ولا يحلُّ له أن يفعله ابتداءً.

وكذلك إن صحَّ قولُه: «في الإسلام» لكان معناه النهي أيضًا، كقوله: «لا جَلَبَ ولا جَنَبَ ولا شِغَار في الإسلام» (٣) إنَّما معناه: لا تجلبوا ولا تجنبوا، ولا تشاغروا في الإسلام.

وكذلك قوله: «لا حِلْف في الإسلام، وما كان من حِلْفٍ في الجاهلية فلم يزِدْه الإسلام إلا شِدَّة» (٤)، ومثل هذا كثير، وإذا كان كذلك امتنع أن يُسْتَدَلَّ بذلك على نفي إيجاب الله أو تحريمه؛ لأن الله ــ سبحانه وتعالى ــ لا يجوز أن يُنهى ولا يُؤمَر.

ويجوز أن يكون معناه الخبر ــ أيضًا ــ وإن كان معناه آئلًا إلى الأمر، بأن


(١) الأصل: «مميزه»! والظاهر ما أثبتّ.
(٢) الأصل: «فحيثما» والصواب بالواو.
(٣) الحديث أخرجه أحمد: (٣٣/ ٨٧ رقم (١٩٨٥٥)، وأبو داود رقم (٢٥٨١)، والترمذي رقم (١١٢٣)، والنسائي: (٦/ ٢٢٨)، وابن حبان «الإحسان» رقم (٣٢٦٧)، وغيرهم من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه -. قال الترمذي: «حديث حسن صحيح». وصححه ابن حبان. إلا أنه من رواية الحسن عن عمران، وهو لم يسمع منه، إلا أنَّ له متابعات وشواهد من حديث ابن عمرو وابن عمر وغيرهما تقويه. انظر «التلخيص الحبير»: (٢/ ١٧٠ - ١٧١).
(٤) أخرجه مسلم رقم (٢٥٣٠) من حديث جُبير بن مُطْعِم - رضي الله عنه -.