فصل الأكل والشرب مرةً ثانية، وأما عدمًا ففي فصل الوقاع أول مرة] (١)).
هذا كلام قريب، فإنَّ من ادعى إضافة الحكم إلى وصف مبهم وادَّعى دورانَ الحكم معه وجودًا وعدمًا لم يُسلَّم له ذلك أولًا، بل يمكن أن يقال: لا يُسَلَّم أنه دائرٌ معه وجودًا وعدمًا، لأن دورانه معه وجودًا أن يكون ذلك الوصف بحيث يوجد الحكم عند وجوده، ودورانه معه عدمًا أن يكون بحيث يُعدَم الحكم عند عدمِه، ولا يكفي وجودُه معه في صورةٍ دون أخرى، ولا عدمُه في صورةٍ دونَ أخرى، فما لم يتعيَّن ذلك الشيء لم يُسَلَّم له ثبوتُه في جميع صور الوجود وانتفاؤُه في جميع صور العدم، إذ الحكم على الشيء فرعُ تصوُّرِه.
وأيضًا فإنه يمكن معارضتُه بمثله كما ذكر، فإنه قال في مسألة وجوب الكفارة بالأكل والشرب:«شيء هو متحقق هنا موجب لوجوب الكفارة»، ويعني به شيئًا من الأشياء الموجودة هنا وفي صورة الوقاع، كإفساد الصوم بأحد الأفعال الثلاثة أو بمتبوع جنسه أو تعمد الإفساد بما يشتهي ونحو ذلك، فإن وجوب [ق ٤٤] الكفارة دار معه وجودًا وعدمًا، أما وجودًا ففي صورة الوقاع، وأما عدمًا ففي صورة الحصاة والنواة والأكل ثاني مرة عند من يُسَلِّم ذلك، أو في كلّ صورة عدم الفطر بالكلية، ويعني به عدم ما هو منتفٍ في الصورتين. فإن الخصم يُمكِنه أن يُعارضَ هذا الكلام بمثله، فيقول: شيء هو متحقق هنا موجب لعدم وجوب الكفارة، فإن العدم دار معه وجودًا وعدمًا، أما وجودًا ففي الصور التي لا تجب فيها الكفارة، وأما عدمًا ففي صورة الوقاع. وإن منع وجود الموجب هنا قال: أعني به ما هو موجود
(١) ما بين المعكوفتين من «الفصول»، وفي الأصل بياض هنا بقدر ثلاثة أسطر.