للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: بتقدير أن يكون الإيجابُ معدومًا في نفس الأمر، فيكون قد فُرِض وجود ما هو معدوم على تقدير وقوع الواقع، ومعناه: تقدير وجود المعدوم على تقدير عدمه، وتقدير وجوده على تقدير عدمه تقدير الجمع بين النقيضين، وهو تقديرٌ مُحَال، وإذا كان تقديرًا ممتنعًا جاز أن يلزم عليه حكم ممتنع، وهو موجبيَّة أحدهما، وعدم موجبيَّتِه؛ لأنه قدَّر وجود الموجبية على تقدير عدمها، فتكون الموجبيَّة موجودة معدومة، [فلا] يصحُّ دعوى وجودها دون عدمها، ولا عدمها دون وجودها.

وإيضاح ذلك: أنَّا لو فَرَضنا اجتماعَ السوادِ والبياض مُنضمًّا إلى جملة الأمور الواقعة؛ لكان هذا الاجتماع واقعًا على ذلك التقدير، وجملةُ الأمور (١) الواقعة في نفس الأمر واقعة على ذلك التقدير.

فلو قيل: عدمُ اجتماع السواد والبياض ليس واقعًا على ذلك التقدير، للزم أن لا يكون عدم اجتماعهما واقعًا في نفس الأمر، فيكون اجتماعُهما هو الواقع، وهذا باطل، وإنما ذلك لأنَّ اجتماعَهُما مع الأمور الواقعة اجتماعهما مع عدم اجتماعهما؛ لأن عدم اجتماعهما من الأمور الواقعة.

فالتقدير: لو فرَضْناهما مجتمِعَين مع عدم كونهما مجتمعين، وحينئذٍ لا يقال: عدمُ اجتماعهما ليس واقعًا على ذلك التقدير؛ لأنَّ فرضَ اجتماع النقيضين يستلزمُ ثبوتَ كلٍّ من النقيضين، لكنَّه فرضٌ مُحال.

الطريق الثالث لإفساده: أن يُقال: قوله: "عدم موجبيَّة أحدهما ليس ثابتًا على ذلك التقدير".


(١) لم يظهر إلا جزء من الكلمة.