بالأصل، أو الوجوب مضافٌ إلى مطلق المصلحة: إلى نوعٍ منها أو إلى قدرٍ منها أو إلى نوعٍ وقدرٍ منها، الأوّل ممنوع، والبواقي وإن سلِّمتْ فلم قلتَ: إن صورة النزاع تشارك الأصل في نوع المصلحة أو قدرها؟ وتوجيه المنع من وجوه:
أحدها: أن المصالح المتعلقة [ق ٦٦] بالوجوب في المضروب إنما تكون ثابتة في الحُليّ إذا ثبت أن الحُليَّ مثل المضروب في تلك المصالح، وهذا لم يدلّ عليه.
الثاني: أن المصالح إنما تكون مصالح إذا تجردت عن المفاسد أو ترجحتْ عليها، وإيجابُها في الحليّ ليس كذلك، لأن إيجابها في الحليّ يُفضِي إلى كسرِه وتنقيصِ الحليّ ومنع المتحلِّية من التحلِّي بحلي مباح، وما أفضى إلى منع المباح يكون مفسدةً، فلا تكون مصلحةُ إيجابِه في الحلي خاليةً عن مفسدةٍ، وإيجابُه في المضروب خالٍ عن المفسدة، لأن المضروب إنما اتُّخِذ للإنفاق، وليس في إخراج الزكاة منه منعٌ من شيء مباح.
أو نقول: إن كان فيه مفسدة فهي مرجوحة بدليل إيجاب الزكاة فيه، والمفسدة التي في الحلي لم يثبت أنها مرجوحة، إذ لو ثبت ذلك بإيجاب الزكاة فيه كان دوران ثبت بغيره، فهو دليلٌ مستقل يغني عن المناسبة.
الثالث: أن يقال: إن المصالح المتعلقة بالوجوب لفظٌ مبهم، يحتمل مصالح متعلقة بوجوب الزكاة في كلّ مال، فإن ذلك فيه تَطْهيرٌ وتثميرٌ وتكفيرٌ، ويحتمل تعلُّقها بوجوب الزكاة في الأموال الزكوية في كلّ مقدار، ويحتمل تعلُّقها بالوجوب في الأموال الزكوية في قدر مخصوص، ويحتمل تعلُّق