للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شاقّ شقَّ الله عليه» (١)، وقال تعالى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: ٢٣٣]، وقال: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} [البقرة: ٢٨٢]، وقال: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: ٦]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا} الآية [التوبة: ١٠٧].

قيل: إنما جِيء في هذه المواضع بصيغةِ المفاعلة؛ لأنه فِعْل من أحد الجانبين يقتضي مثلَه من الجانب الآخر، فهو يفضي إلى المفاعلة، وإن كان المنهي أحد الجانبين، وذلك أن الكاتب أو الشهيد إذا فُعِل به ما يضرُّه فإنه يكافئ على ذلك بموجب الطبيعة، فصارت مُضارَّة، وهكذا كلُّ ما كان من شأنه إمكان المُقابلة والمُجازاة، وهذا يبين أنَّ المضارَّةَ أخصُّ من الضرر، ونَفْي الأعمِّ [ق ٢٨١] يستلزمُ نفيَ الأخصِّ.

إذا تبيَّن هذا فقوله: «لا ضرر ولا ضرار» صيغته بصيغة (٢) الخبر، ومعناه الأمر؛ لأنه لو كان مقصودُه الإخبار بعدم وقوع الضرر والإضرار للزم أن لا يقع شيء من الضرر والإضرار؛ لأنَّ خبرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صِدْق لا يجوز أن


(١) هذا اللفظ جاء في بعض روايات حديث: «لا ضرر ولا ضرار» من حديث أبي سعيد الخدري المتقدم تخريجه (ص ٤٧٩).
وأخرجه بهذا اللفظ أحمد: (٢٥/ ٣٤ رقم ١٥٧٥٥)، وأبو داود رقم (٣٦٣٥)، والترمذي رقم (١٩٤٠)، وابن ماجه رقم (٢٣٤٢)، والبيهقي: (٦/ ٧٠) وغيرهم من حديث أبي صرمة الأنصاري - رضي الله عنه -. قال الترمذي: «حديث حسن غريب».
وفي سنده لؤلؤة مولاة أبي صرمة ذكرها الذهبي في المجهولات في «الميزان»: (٦/ ٢٨٤).
(٢) كذا بالأصل.