بل يدلُّ على الحدث من حيث هو، كالكلام فإنه لا يختصُّ بالتكلُّم ولا بالتكليم، وكذلك الحركة لا تختصُّ بالتحريك ولا بالتحرُّك. فالضرر اسم لما يقع بالمتضرِّر، لا يختصُّ بالضرر الذي هو متعدٍّ، ولا بالتضرُّر الذي هو لازم، ويجوز أن يكون اسمًا للشيء المضارّ، ويجوز أن يكون مصدرًا لـ «ضرِرْتُ أضَرُّ ضَرَرًا»، مثل:«عَرِج يَعْرجُ عَرَجًا»، و «عَمِي يَعْمَى عمى»، و «صمَّ يَصَمّ صَمَمًا»، فيكون على هذا مصدرًا للازم.
من ذلك قوله:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}[النساء: ٩٥]، فإنه ليس إشارة إلى ضُرِّ الغير لهم. ويدلُّ على [أن] هذا الاسم لا يدلُّ على ضررٍ متعدي: قولُ الإنسان: فلانٌ به ضررٌ، ومكانٌ ذو ضررٍ، أي ضيِّق، ويقال: لا ضرر عليك، ولا ضرورة، ولا مضرَّة (١).
وأما «الإضرار» فهو مصدر: أضْرَرْتُ به أُضِرُّ به إضرارًا، إذا أَوْقَعَ به الضرر وأحلَّه به، كأنه أَلْصَقَه به، ولهذا جِيء بالباء، وليست للتعدية، فإن الثلاثيَّ يتعدَّى بنفسه، فكيف يتعدَّى الرباعيُّ بالباء، لكن جِيء بها لزيادة المعنى، وهذا المعنى أعمُّ من المعنى على ذلك القول، ويؤيده أنه لو أُريد ذلك المعنى لكان الأَقْيس:«لا ضرّ ولا ضرار».
وأيضًا: فإنَّ الضرار في الحقيقة ضُرّ، فنَفْي الضُّرِّ يستلزمُ نفي المضارَّة، كما أن نفي القَتْل والضَّرْب يستلزمُ نَفْي المقاتلة والمضاربة.
فإن قيل: فقد رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من ضارَّ أضرَّ اللهُ به، ومن