للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها: أن حقيقة اللفظ موصوفةٌ بأنها واحدةٌ، وبأنها عامة لموارد [ق ١٣٨] الاستعمال، وبنحو ذلك. فإذا رأينا هذا المعنى موصوفًا بهذه الصفات غلبَ على ظنِّنا أنه هو القاضي، ولهذا لو كتب قاضٍ إلى قاضٍ بحقّ على فلان بن فلان الفلاني، فقامت البينةُ بأنه فلان بن فلان الفلاني، فادَّعى أن له شركاء في هذا الاسم، لم يُقبَل منه حتى تقوم البينةُ بشريكٍ، ولولا أنه يُستدلُّ على عينٍ بكثرة الصفات التي لم يُعلَم فيها شريكٌ لم يكن كذلك.

الثاني: أن جَعْلَه حقيقةً في المعنى يَدفَعُ عن اللفظ فسادَ الاشتراك والمجاز والتعطيل، لأنه لو لم يكن حقيقةً في ذلك المعنى، فإن كان حقيقةً فيما يختصُّ بكلِّ فردٍ من الأفراد لَزِمَ الاشتراكُ، وإن كان حقيقةً فيما يختصُّ ببعض تلك الأفراد دون بعضٍ لزمَ أن يكون مجازًا في الباقي، وإن لم يكن حقيقةً في شيء لزمَ تعطيلُ اللفظ. فإذا جعلناه حقيقةً في الجميع اندفعَ الاشتراك والمجاز، وإذا كان دفعُ هذا الفساد مطلوبًا، وهذا الطريق يخصُّه لدفع هذا الفساد كان سلوكُه جائزًا، وإن كان له طريقٌ آخر كسلوك طريقٍ من الطُّرق المُفضِية إلى المطلوب.

الثالث: أن هذا المعنى عامٌّ، والأصل عدم معنى آخر عام، وحقيقة اللفظ لا بدَّ أن تكون عامَّةً، فهذا المعنى حقيقة اللفظ.

والجواب عن الأول: أن الظن الذي ذكروه مشروطٌ بعدم العلم بالشريك، وقد بيَّنا وجودَ الشركاء في المعنى العامّ لموارد الاستعمال، فهو نظير ما إذا كان الحق على محمد بن علي أو عبد الله بن محمد ونحو ذلك من الأسماء التي وقعت فيها الشركة. وكذلك أيضًا لو وصف القاضي الفردَ بصفاتٍ قد عُلِمَ فيها الشركة.