للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغير ذلك، فلو كان مجرَّد عموم المعنى موارد الاستعمال دليل الحقيقة كان لا يشاء أحدٌ أن يجعل الألفاظ حقيقةً في أعمَّ من معناها إلا فعل ذلك، واحتجَّ بعموم المعنى المدَّعى موارد استعمال ذلك اللفظ، كما يعمّها ما هو مساوي (١) لمعنى اللفظ، وإذا كانت هذه الدعوى مستلزمةً وجودَ الباطل كانت باطلةً.

فإن قيل (٢): اختصاص ذلك المعنى بموارد ذلك اللفظ أن (٣) لا يكون اللفظ مستعملًا في غير ذلك المعنى، أو كون اللفظ لا يُوجَد إلّا والمعنى العام معه، وإذا كان عدميًّا لم يجز أن يُجعَل جزءًا من المقتضي لوجوهٍ:

أحدها: أن الأمر العدمي لا يجوز أن يكون علةً ولا جزءًا من العلة، وإلّا لجاز إسنادُ الحوادث إلى أمور عدميّة، حتى لا تكون دالَّةً على وجود الصانع، وهو مع كونه خلافَ إجماع الأمم معلومُ الفسادِ بالضرورةِ.

الثاني: أن وجود ذلك المعنى العام في غير موارد لفظ حيوان وإنسان مع كون ذلك المعنى حقيقة اللفظ، كما منع كون معنى الجسم والنامي حقيقة لفظ حيوان وإنسان، لأن حقيقة اللفظ لا بدَّ أن تكون موجودةً حيثُ ما وُجِد اللفظ، هذا موجب اللفظ ومقتضاه، فلما وُجِدَ ذلك المعنى بدون اللفظ دلَّ على أنه ليس بحقيقة. وصار هذا مثل النقض في الحدود والأدلة والعلل والشروط والقضايا الكلية، فإن النقض يُفسد الحدَّ بالاتفاق، وإن كان في إفساده للعلة خلاف، وكون اللفظ حقيقةً في كذا هو من باب الحدود


(١) كذا الأصل.
(٢) جوابه في الصفحة التالية.
(٣) الأصل: «اذ».