[النحل: ٩٠]، {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ}[الأعراف: ١٥٧]، ونحو ذلك= فلا كلام. وإن كانت الصيغة ظاهرة، وهي صيغة «افعل»، و «ليفعل»، ونحوهما، وصيغةُ الخبر إذا اسْتُعْمِلت بمعنى الأمر، كقوله [ق/٢٦٩]: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ}[البقرة: ٢٣٣]، فالذي عليه عوامُّ الخلائق: أن مقتضى هذه الصيغة ومعناها الطلبُ والاستدعاء، وأنها بمطلقها أمر، ولا يُصْرَف عنه إلا بقرينة، وذهبت الواقفة إلى أنها متردِّدَة بين الأمر وبين سائر المعاني التي اسْتُعْمِلت فيها من الإباحة والتهديد والتعجيز والتكوين والتسخير والتسوية والتمني والدعاء وغير ذلك من المعاني.
ثم منهم من جزم بالاشتراك، ومنهم من توقَّف، وليس هذا الخلاف مما يُلْتفتُ إليه في الأمور العلمية، فإنَّا باضطرار نعلمُ أن هذه الصيغة إذا تجرَّدت عن القرائن فإن معناها الاستدعاءُ والاقتضاءُ.
ثم تلك المعاني هل فيها هذا المعنى ــ وهو الاستدعاء والاقتضاء ــ أو في بعضها بحيث تبين العلاقة بين الحقيقة والمجاز، أو يثبت التواطؤ، أو ليس فيها شيء من معنى الطلب؟ فيه بحوث دقيقةٌ ليس هذا موضِعَها، وإثبات هذا المقام سهل (١)، وعليه تُبْنى صيغة «افعل» الواردة بعد الحَظْر؛ هل هي أَمْر أو إذن.
المقام الثاني: إذا ثبت الأمرُ إما صريحًا أو ظاهرًا بلفظةٍ أو بقرينةٍ؛ فهل مقتضاه إيجاب الفعل؟ فالذي عليه جماهير الفقهاء من الطوائف الأربعة وغيرهم أنَّ المجرَّد منه للإيجاب، وذهب بعضُهم وطوائف من المتكلمين