للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ممتنعًا، والتعليل لامتناع الوجوب لا بمجرد عدمه، ولا شكّ أن كونَه ممتنعًا أخصُّ من كونِه معدومًا، وليس ذلك لامتناعه في ذاته، فلا بدَّ أن يكون لسببٍ منفصلٍ. وهذا الامتناع قد يكون حادثًا، فإن الشيء الجائز قد يصير ممتنعًا، وإذا كان حادثًا جاز تعليلُه كغيره.

واعلم أنّا إنما تكلمنا في هذا بناءً على أن الأحكام الوجودية قد توصف بالحدوث إذا عُنِيَ بالحكم نفس الوجوب أو الحرمة القائمان بالفعل [ق ١٥٩] أو المضافان إليه، ولم يُعنَ بهما نفس الإيجاب أو التحريم الذي هو كلام الله، فإنه إذا عُنِيَ بها ذلك فالأحكام كلُّها قديمةٌ وجوديُّها وعدميُّها (١)، والسؤال على الجميع واحد، وإن كان بينهما فرقٌ من وجهٍ آخر. واعلم أن استقصاء الكلام في هذا السؤال غيرُ لائقٍ بمقصودِ هذا الكتاب.

قال المصنف (٢): (كما يقال: العدم ثابت في فصل اللآلئ والجواهر، فكذا في الحُلِيِّ بالقياس عليه (٣)، إذ (٤) العدم في اللآلئ والجواهر (٥) يدلُّ على أن المشترك بين الوجوبين لا يكون علةً أصلًا، أو المشترك بين العدمين مانعٌ عن الوجوب قطعًا، فإنه إذا لم يتحقق أحدُهما تحققَ الوجوب (٦)


(١) هذا مبني على أن كلام الله كله قديم، وهو خلاف ما قرره شيخ الإسلام من مذهب أهل السنة في كتبه المتأخره: أن كلام الله ليس معنًى واحدًا قديمًا قائمًا بذاته، بل لم يزل متكلمًا إذا شاء. انظر: «مجموع الفتاوى»: (١٢/ ٥٦٧).
(٢) «الفصول» (ق ٦ ب).
(٣) «عليه» لا توجد في «الفصول».
(٤) في الأصل: «إذا».
(٥) «والجواهر» ليست في «الفصول».
(٦) في «الفصول»: «وإلّا لتحقق الوجوب».