للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: أن يكون اسم جمع أو ما هو في معنى (١) اسم الجمع، وهو ما لم يصلح أن يكون صفة للواحد ولا موصوفًا به، مثل جموع التصحيح والتكسير، كرِجالٍ وقُرُوْء، وأسماء الجموع كالناس والنَّفر والرَّهْط، واسم الجنس كالنمر والبقر والغنم والإبل ونحو ذلك، فهذا كلُّه للعموم باتفاق القائلين بالعموم إلّا من شَذَّ.

الثاني: أن يكون اسمًا واحدًا، مثل اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبَّهة وأفعل التفضيل والمصادر كلّها وجميع أسماء الأجناس التي لها تثنية وجمع، كالإنسان والحيوان والدرهم والدينار. فهذا عند الفقهاء وأكثر الأصوليين يُفيد العموم أيضًا، كما ذكره صاحب الجدل. وذهب جماعةٌ من مُثبِتي العموم من المتكلمين إلى أنه لا يفيده، وإنما يُفيده عند القائلين به إذا لم يكن التعريف لمعهود، فأما إن كان لمعهود غير المسمّى العام فإنه يرجع إليه بلا تردد.

والدليل على أنه يفيده صحة الاستثناء منه، والدليل على صحة الاستثناء منه قوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [العصر: ٢ - ٣]. وإذا صحَّ الاستثناء من بعض الأسماء المفردة صحَّ من جميعها، لأنه لو لم يصحَّ لكان ذلك البعض مختصًّا بما يوجب صحة الاستثناء، وليس كذلك، لأن الأصل عدم الموجب، ولأنه لا فرق بين هذا المفرد وبين غيره من المفردات، فوجب التسوية بينها في جواز الاستثناء، وإذا صحَّ في جميع الأسماء المفردة صحَّ فيما نحن فيه، لأنه اسم جنس مفرد، ولأن الاستثناء قد صحَّ في عدة صور، مثل قوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي


(١) الأصل: «من نعتي».