قلت: حاصلُ هذا أن السائل أرادَ المعارضةَ بين المقتضي والمانع على طريقة المستدلّ، كما عارضَ المستدلُّ بينهما على طريقة المعترض، لتبيينِ حصولِ المعارضةِ على كل تقدير، فقال: إن كان المانع متحققًا على ذلك التقدير فهو المطلوب، وإن لم يكن ثابتًا على ذلك التقدير فهو واقع في الواقع، فتقع المعارضة بينه وبين المقتضي على تقدير عدم تحققه على ذلك التقدير، فقال له المستدل: هذا الإلزام مشترك، وهو في جانبك أظهر، لأنه لو كان متحققًا على ذلك التقدير لكان المانع المستمر واقعًا في الواقع، فيقع المعارضة بينهما.
ومقصودُ ذلك أنه يقول المعترض: يجب أن يكون المانع متحققًا على ذلك التقدير، لأنه لو لم يكن كذلك لم يكن المانع مستمرًا، والمانع المستمر هو ما ينفي على التقدير، فإذا لم يكن المانع المستمر واقعًا فقد سَلِم المقتضي للوجوب، وحينئذٍ يتعارض المقتضي السالم [ق ٢٨] عن معارضة المانع المستمر والمانعُ الواقع في الواقع، فلما ألزمَ المستدلَّ التعارضَ بين المانع في الواقع وبين المقتضي على ذلك التقدير السالم ألزمه المستدلُّ مثلَ ذلك، فقال: المانع لا يتحقق، لأنه لو تحققَ لتعارضَ المانعُ المستمر في الواقع والمقتضي الواقع في الواقع، إذ المقتضي واقعٌ في الواقع، وهو ما تقدم من النصوص وغيرها. والتعارض على ذلك التقدير المانع مطلقًا والمقتضي كما تقدم، فيلزم التعارضُ في نفس الأمر وعلى التقدير، وهو خلاف الأصل.