للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فصل في تعدية العدم) (١)

[ق ١٥٧] اعلم أن القياس تعدية حكم الأصل إلى الفرع، والحكم قد يكون وجودًا وقد يكون عدمًا، كما يُعدَّى عدمُ (٢) الوجوب أو عدم التحريم أو عدم الصحة ونحو ذلك. وإذا كان عدمًا جاز أن يكون وصفًا وجوديًّا، وهو في الغالب وجود مانع منه، وجاز أن يكون عدميًّا، وهو في الغالب عدم المقتضي له أو عدم شرطه. ومن الناس من يمنع القياس بعدم المقتضي، لأنه متوقف على نفي المقتضي عنهما، وذلك إذا حصل في الفرع أغنى عن القياس. والصحيح أنه يصح القياس به كما يصحّ القياس بوجود المانع، وإن كان وجوده لو ثبت [كان] كافيًا، وكما يصحّ القياس بالمقتضي للحكم، وإن كان لو ثبت اقتضاؤه [كان] كافيًا للحكم. وذلك أن الأصل بمنزلة الشاهد، وذلك أنه قد لا يمكن بيان عدم المقتضي في الفرع إلّا بتوسُّطِ عدمِه في الأصل، وقد تكون الدلالةُ على عدمِه في الفرع بواسطة القياس أسهل، فإن الصورتين إذا تماثلتا وقد عُدِمَ المقتضي في إحداهما عُدِم في الأخرى، مثل أن يُستدلّ على عدم وجوب الزكاة فيما إذا نقصَ نصابُ النقدين نقصًا يسيرًا، بأن يقال: نقص يسير في النصاب، فلا تجب الزكاة معه، كنقص نصاب السائمة أو كنقص الكثير. أو يُقاس عدمُ وجوبِ الوتر على [عدم] وجوب ركعتي الفجر بجامعِ فِعْلِهما على الراحلة في السفر، وإن كان وجود نقص النصاب يُوجب عدمَ المقتضي.


(١) «الفصول»: (ق ٦ ب- ٧ أ)، وانظر «شرح المؤلف»: (ق ٧١ أ - ٧٣ ب)، و «شرح السمرقندي»: (ق ٦٥ ب- ٦٦ ب)، و «شرح الخوارزمي»: (ق ٦٤ أ- ٦٦ أ).
(٢) في الأصل: «حكم». والمثبت يقتضيه السياق.