للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولُه (١): (والمسطور في أصول الفقه: أنَّ الحالَ يصلح حجة للدفع، وإبقاء ما كان على ما كان دون الإثبات، والثابتُ هذا).

لا شكَّ أنَّ الاستصحاب لا يقتضي حكمًا جديدًا، ولا وصفًا حادثًا، فإنَّ ذلك تغيير وليس بتقرير، وذلك أن استصحاب الحال استفعالٌ من الصُّحْبة، والاستفعَالُ طلب الفعل، كأنَّ المستدلَّ طلبَ أن تصحبه الحال الأولى، وتبقى معه وتدوم، فالاستصحابُ والاستبقاءُ والاستدامةُ شيءٌ واحد، وأكثر ما يُسْتدلُّ بها في استصحاب النفي المعلوم بالعقل، أو في نفي ما لا يثبت إلا بالشرع، كما تقدَّم من الاستدلال بها في نفي الوجوب.

وأما الإثبات؛ فإن عنى به إثباتًا جديدًا، فلا دلالةَ للاستصحابِ على ذلك. وإن عَنَى به إثباتًا مُسْتَدَامًا، فهذا قد اختلف الناسُ فيه، هل يمكن الاستدلال عليه بالاستصحاب كالاستدلال على بقاء الأحكام الثبوتية المعلومة بنصٍّ أو إجماع؟ وقد تقدَّم الكلامُ في ذلك، وبيَّنَّا أن الأوْجَه إمكانُ الاستدلال بها، لكن الخلاف في ذلك مشهور، وبعضُ الناسِ يقول: جمهورُ الفقهاءِ على عدم الاستدلال بها.

وقولُه: "والثابتُ هذا".

كأنه يعني به أن هذا القول هو الثابت المعمولُ به، وليس هذا موضعَ استقصاءِ القولِ في ذلك.

قوله (٢): (والثاني: استصحاب الواقع كما يقال: كان، فيبقى على


(١) "الفصول": (ق/١١ أ).
(٢) "الفصول": (ق/١١ أ).